/ صفحه 123/
الذي يعترف فيه المحسن بحقية ما نسب إليه من إحسان، والمسئ بحقية ما نسب إليه من إساءة. ويرجع تقدير تلك الوسيلة ومعرفة حقيقتها إلى الله وحده، إن لم تكن تمثلا للعدل التام في محاسبة الناس وتقدير ما به يكون الجزاء على حسب النتائج التي يعرفها الناس في دنياهم من التحاكم إلى ميزانهم المحسوس الذي يلجئون إليه في ضبط معاملاتهم وحقوقهم. وإذن فعلينا أن نؤمن بأن في الآخرة وزنا للأعمال، وأنه على مقدار ما يظهر يكون الجزاء، وأنه وزن أو ميزان يليق بتلك النشأة الأخرى، ميزان توزن به الأعمال والإيمان والأخلاق والعواطف وكل ما يجري في النفس ويستقر فيها. وعلينا أن نعفى أنفسنا من محاولة الكشف عن غيبي لم يرد لنا في حقيقته قاطع من كتاب أو سنة.
هذا أول المواقف التي أردنا أن نقفها في بعض ما احتوت عليه هذه السورة.
نداءات للبشر بوصفهم " بني آدم ":
أما الموقف الثاني، فهو يتعلق بأربعة نداءات إلهيه، هي النداءات الوحيدة التي نودي بها الناس جميعا في القرآن الكريم بوصف النبوة لآدم، وقد جاءت هذه النداءات عقب قصة آدم وإبليس. وهي قوله تعالى:
" يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباساً يواري سوءاتكم وريشا، ولباس التقوى ذلك خير، ذلك من آيات الله لعلهم يذكرون ".
" يا بني آدم لا يفتننكم الشيطان كما أخرج أبويكم من الجنة ينزع عنهما لباسهما ليريهما سوءاتهما ".
" يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد، وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين ".
" يا بني آدم إما يأتينكم رسل منكم يقصون عليكم آياتي، فمن اتقى وأصلح فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون، والذين كذبوا بآياتنا واستكبروا عنها، أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون ".