/ صفحه 121/
شيء موزون وجعلنا لكم فيها معايش، ومن لستم له برازقين، وإن من شيء إلا عندنا خزائنه وما تنزله إلا بقدر معلوم ".
ومن البين أن المراد في هذا المقام بكلمتي الوزن والميزان، ما يرجع إلى إحكام النظام وتقدير الخلق وربط الكائنات بسنن من التناسب والاعتدال.
وقد جاءت الكلمتان أيضاً مقترنتين بالكتاب الذي أنزله الله وأرسله مع رسله، ومن ذلك قوله تعالى: " الله الذي أنزل الكتاب بالحق والميزان " وقوله " لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط " وبذلك كانت سنة الله في كونه، وبنائه على الوزن والإحكام؛ كسنته ونظامه في شرعه. فكما أحكم الكون بالميزان، أحكم الشرع بالميزان، وإذا كان الميزان الذي أحكم به الكون، يرجع إلى كمال التقدير والإتقان، والبناء على سنن ثابتة مطردة، تجعل العالم وحدة متضامنة متكافلة على الخير المادي للبشرية، فإن الميزان الذي أنزله مع كتبه. يرجع إلى روح تقدير ما في هذه الكتب من مصالح، والى حسن تطبيق أحكامها على الأعمال والأحداث، وبذلك يسعد الناس بروح التضامن والعدل، وبروح التقوى التي تؤهلهم لسعادة الآخرة، فيحصلون على متعة المادة والروح عن طريق لا انحراف فيه، هو صراط الله المستقيم الذي أبدعه في كونه عن طريق السنن، وفي رسالاته عن طريق الأحكام والشرائع ولعل الميزان الذي يقترن بالكتاب والشرائع والأحكام لا يبعد كثيراً عن أمر القائمين بالشرائع وتطبيقها على الأحداث من مراعاة الدقة وحسن الاجتهاد في معرفة الأحداث وما تتطلبه من أحكام تحقق المصالح التي ربطت بها تلك الأحكام في سياسة الناس وسلوكهم. لعله لا يبعد عما اشارت إليه بعض الآيات ووكلته إلى القائمين بأمر الشرائع في فهمها وتطبيقها مثل قوله تعالى: " إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله " وقوله " ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولى الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم " وليس من ريب في أن قيام الناس بالقسط لا يكون إلا بتشريع: هو ما دل عليه الكتاب، وبحسن تقدير