/ صفحه 89/
في صميم هذا المجتمع
للمهندس الدكتور محمد محمود غالي
مدير عام مصلحة النقل السابق
دكتوراه الدولة في العلوم الطبيعية من السربون
ليسانس العلوم التعليمية - ليسانس العلوم الحرة - دبلوم المهندسخانة
أما القوام فنحيل - أما الصحة فما زال بصاحبها رمق للحياة، يغالبها وتغالبه - وأما الجسد فيكسوه جلباب أسود مهلهل - وأما الرأس فيعلوها غطاء لا هو بالعمامة ولا هو بالطربوش، تستطيع أن تتبين فيه لفافة من الأقمشة البالية - وأما القدمان فعاريتان، وهو يحمل في يديه خيوطا قد ربط بها عدد من العصافير المذبوحة، لا شك أنها كانت نتيجة للصيد - أما نداءه فإنك تسمعه يقول ((الفجافيج)) - ((الفجافيج)) بتاعة اسكندرية، والفجافيج هي العصافير، ولعلها كلمة يونانية أو إيطالية. ولماذا لا يقول العصافير؟ لعل السبب أن الذين اعتادوا شراءها من أمثاله هم الأجانب، فقد جرت العادة منذ زمن طويل أنهم هم الذين لديهم النقود التي تسمح لهم بشراء الكماليات بعد أن توافرت لديهم الضروريات، ومع أن الكثير من هؤلاء قد رحلوا عن ديارنا أو تمصروا وتكلموا لهجاتنا، ومع أن البعض منا يحلّ محلهم في الأعمال، التي تكسب صاحبها المال، ومع ذلك فقد ظل النداء القديم لا يتغير يتجاوب بين المقاهي تعوده الرجل النحيل، يدور بهذه العصافير التي لا تغني من جوع كما تدور النحلة الدوارة، يدخل هذه ليخرج إلي تلك، ويأتي الليل ليبيع منها للعشاء كما باع منها في ساعات الغداء - إنك لا تعرف كيف بد يومه ومن أين أتى؟ أين يسكن؟ وأين ينام؟ هل له غرفة يأوى إليها