/ صفحه 79/
ورفعه، وهنا لا رفع ولا إزالة، وإنما هو إضافة طريق ثالث لا مانع من إضافته، مادام التعبير القرآني لم يفد أن الحكم إنما يكون بأحد الطريقين اللذين ذكرهما وأنه لا ثالث لهما.
ثانيا: فيما يتعلق بالسنة:
1 أما الحديث الذي يقول ((شاهداك أو يمينه)) على فرض صحته - فإنه كان في واقعة عجز فيها المدعي عن البينة ورضى المدعى عليه فتخوف المدعي وقال: ((إذن يحلف ولايبالي)) فقال الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ((شاهداك أو يمينه)) أي ليس لك إلا ذلك في هذه الحالة، وهي غير موضع النزاع،لأن النزاع إنما هو حيث يكون هناك شاهد واحد وأراد المدعي الحلف مع هذا الشاهد أما هنا فقد عجز المدعي عن إقامة أي شاهد، فليس هناك إلا الإنتقال إلى يمين المدعى عليه.
2 وأما الحديثان الآخران فقد جاءا على الشأن في مبدأ الخصومة، فإن الأصل أن تبدأ الخصومة بدعوي المدعي، ثم ببينته، فإن عجز عن البينة توجهت اليمين على المدعى عليه، فإن نكل انقلبت اليمين على المدعي، وقضى له بيمينه مع نكول صاحبه، وهذا لا ينافي أن المدعي قد يأتي بشاهد واحد ويضم إلى هذا الشاهد يمينه فيحكم له به، فليس في الحديثين تعارض مع هذه السنة المشهورة المقضي بها على عهد الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ومن بعده.
3 هذا ما استدل به الفريق الثاني: فريق القائلين بالحكم بالشاهد واليمين، وهم يرون ذلك واضحا لاينبغي أن يصار إلى خلافه، ويعجبون من موقف المعارضين فيه، فيقول القرطبي: العجب مع شهرة الأحاديث وصحتها التظنن بدعوي من عمل بها حتى نقضوا حكمه واستقصروا رأيه، مع أنه قد عمل بذلك الخلفاء الراشدون و… الخ.(1)
ويقول ابن قدامة في كتابه المغني: ((وقول محمد في نقض من قضى بالشاهد

*(هوامش)*
(1) تفسير لقرطبي ص 292 الجزء الثالث طبعة دار الكتب المصرية.