/ صفحه 77/
الثالثة: أنه ليس في المسألة ما يصلح لنسخ هذا النص، فلا متواتر ولا مشهور.
2 وأما السنة فثلاثة أحاديث من رواية مسلم وأحمد.
الأول: قوله صلى الله عليه وسلم ((لو يعطى الناس بدعواهم لادّعى أناس دماء رجال وأموالهم، ولكن اليمين على المدعى عليه)).
فهذا الحديث يجعل ((اليمين)) على ((المدعى عليه)) أي أن جنس اليمين وجميع أفرادها لا تتوجه إلا إلى المدعى عليه، فإذا جعلنا المدعي يحلف مع الشاهد فقد جعلنا فردا من أفراد اليمين متوجها إلى غير الناحية التي قصر رسول الله صلى الله عليه وسلم جميع الأفراد عليها.
الثاني: قوله صلى الله عليه وسلم ((البينة على المدعي واليمين على من أنكر)) فالرسول صلى الله عليه وسلم قصر جميع أفراد البينات على المدعي وجميع أفراد الأيمان على من أنكر - أي المدعى عليه - وهذا تقسيم وتوزيع يتضمن أنه لا تتوجه يمين إلى المدعي، فكيف يقبل منه شاهد ويمين.
الثالث: قوله صلى الله عليه وسلم لمدع ((شاهداك أو يمينه)) فقد جعل الأمر دائرا بين شيئين ليس منهما شاهد ويمين من جانب هذا المدعي، ولو كان الحكم بالشاهد واليمين جائزا لذكره الرسول صلى الله عليه وسلم للمدعى وفتح له بابه.
بهذا استدل المنكرون لجواز الحكم بالشاهد واليمين، واستمسكوا برأيهم في ذلك حتى حسبوا القضية من المسلمات، وأن القول بقبول الشاهد واليمين قولٌ منكر في الدين.
فمن ذلك أن الزهري سئل عن اليمين مع الشاهد فقال: هذا شيء أحدثه الناس، لا بد من شاهدين، وزعم عطاء أن أول من قضى به عبدالملك بن مروان، كما زعم الحكم بن عيينة أنه بدعة وأن أول من حكم به معاوية، وقال محمد بن الحسن من أصحاب أبي حنيفة: ((من قضى بالشاهد واليمين نقضت حكمه)) وقد قرر الحنفية لذلك أن من حكم به لا ينفذ حكمه، وإذا رفع إلى قاض آخر أبطله، قال في متن التنوير وشرحه ((وإذا رفع إليه حكم قاض آخر نفذه إلا ما خالف كتابا أو سنة