/ صفحه 76/
ومن هذا الفريق زيد بن علي، والزهري والنخعي، وابن شبرمة والأوزاعي وعطاء والحكم بن عيينة وغيرهم.
والفريق الآخر: يرى أن يحكم بالشاهد واليمين.
ومن هذا الفريق فقهاء المدينة والأئمة الثلاثة - غير أبي حنيفة - وجماعة من الصحابة والتابعين منهم الخلفاء الأربعة، وابن عباس، وعمر بن عبدالعزيز، وشريح، والشعبي، وجعفر بن محمد، والناصر، والهادوية، وإياس بن معاوية، وأبو سلمة بن عبدالرحمن، وربيعة، وعبدالله بن عتبة، ويحيى بن يعمر، وابن أبي ليلى، وأبو الزناد. وأكثر أهل العلم.
أدلة المذهب الأول: وهم المنكرون للجواز:
استدلوا بالكتاب الكريم وبالسنة:
1 فأما الكتاب الكريم فقوله تعالى: ((واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء)) وقوله جل شأنه: ((وأشهدوا ذوي عدل منكم)).
ففي هاتين الآيتين يطلب القرآن إشهاد رجلين، وفي الآية الأولى منهما ينص على أنه عند عدم وجود العدلين يستشهد رجل وامرأتان، فلم يذكر الله تعالى الشاهد واليمين فلا يجوز القضاء به لأنه يكون قسما زائدا على ما قسمه الله، وهذه زيادة على النص وذلك نسخ؛ ولا يجوز نسخ حكم قرآني إلا بقرآن أو بسنة متواترة، أو - على الأقل - بسنة مشهورة، وليس في المسألة شيء من ذلك.
ويمكننا أن نرجع هذا الاستدلال إلى نقط ثلاث لكي تتحدد المناقشة فيها.
الأولى: أن الله تعالى قسم الشهادة التي أمر بها قسمين: رجلين، أو رجل وامرأتين، ولم يذكر قسما ثالثا، ولو كان هناك قسم ثالث لذكره، لأن المقام مقام بيان والاقتصار في مقام البيان يفيد الحصر.
الثانية: أننا إذا قبلنا شهادة المدعي مع يمينه فقد زدنا على الكتاب، والزيادة على الكتاب نسخ وهو لا يجوز إلا بمتواتر أو مشهور.