/ صفحه 75/
يكون قضاء جزئيا، ولا يجوز لأحد أن يقدم عليه إلا بحكم حاكم، وذلك مثل فصله في دعاوي الأموال، أو أحكام الأبدان ونحوها بالبينات والأيمان والنكول والقرائن والأخذ بقول أهل الخبرة، ونحو ذلك من كل ما يُعتَمد عليه في القضاء وفي مثل هذا يقول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، لعلي رضى الله عنه: ((الشاهد يرى ما لا يرى الغائب)).
وإنما قلنا لايقترن بما يدل على العموم، لأنه إذا اقترن بذلك كان عاما، مثل ما روي من أنه صلى الله عليه وسلم: ((قضي ألا يقتل الوالد بولده))، وقضي أن الحامل إذا قتلت عمدا لم تُقتَل حتى تضع ما في بطنها، وحتى تكفل ولدها.
((وإذا قالوا إن الحكم في الواقعة الجزئية لا يتعدى إلى أمثالها من وقائع فإنما يريدون الحالات التي تنتج حكما خاصاً لا يتعدى غير المحكوم له أو عليه أو به))(1).
* * *
هذا ما اتسع له المجال من أسباب اختلاف الأئمة الراجعة إلى الكتاب والسنة. ونورد هنا - على سبيل التطبيق أو التعريف بأسلوب المناقشة والاستدلال - مثالا من الفروع الفقهية التي دار حولها الخلاف، يتجلى فيه بعض ما ذكرنا في هذا الجانب، وذلك هو:
القضاء بشاهد ويمين:
من المسائل الخلافية التي كانت مثاراً للجدل والمناقشة مسألة القضاء بشاهد ويمين من قبل صاحب الدعوى. والعلماء في هذا الفرع الفقهي فريقان:
أحدهما: يرى أنه لا يجوز القضاء بذلك، أي أنه إذا عجز المدعي عن الإتيان بشاهدين أو شاهد وامرأتين، ولم يستطع إلا أن يأتي بشاهد واحد يحلف معه بأن دعواه حق، فإن القاضي لا يقبل منه ذلك ولا يقضي له به.
*(هوامش)*
(1) راجع رسالة "نقض مقال الهجرة وشخصيات الرسول" التي كتبها فضيلة الأستاذ الأكبر الشيخ محمد االخضر حسين من صفحة 75 وما بعدها.