/ صفحه 74/
مطبقاً للنص، أو بما اجتهد فيه فيكون أيضاً واجب الاتباع دائماً، إذ اجتهاده (صلى الله عليه وآله وسلم)، بمثابة الوحي، ققد أثبت جمهور المحققين من العلماء أنه عليه الصلاة والسلام لا يُقر على الخطأ فيما سبيله سبيل التشريع من فتوى أو اجتهاد.
2 وقد يصدر عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، شيء بوصفه إماماً ورئيساً للمسلمين ((فيكون مصلحة للإمة في ذلك الوقت وذلك المكان وعلى تلك الحال))(1) فراعى فيه التي راعاها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).
ومن هذا بعث الجيوش للقتال، وصرف أموال بيت المال في جهاتها، وجمعها من محالّها، وتولية القضاة والولاة، وقسمة الغنائم، وعقد المعاهدات، ونحو ذلك من كل ما يظهر أنه تدبير لشئون الأمة، وتنظيم لأمورها.
وينبغي أن يُتنبه هنا إلى أن أمامة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) للمسلمين تتفق في بعض الجوانب مع إمامة غيره من أئمة المسلمين، وتخالفها في بعض الجوانب، وإذن فكل ما يصدر من الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) في إمامته مما سبيله سبيل التدبير البشري، والتنظيم الذي يفعله القادة والأئمة، تركيزاً لشئون الأمة، إنما يجب فيه على الأئمة رعاية المصالح التي راعاها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ودرء المفاسد التي أراد درءها وإن اختلفت الطريقة باختلاف الزمان والمكان، والظروف ولأحوال، وأما ما كان في هذا الشأن من أوامر جاء بها الوحي كطريقة معاملة الأسرى، وإعطاء الأمان للمحاربين، وضرب الجزية ونحو ذلك، فيأخذ أيضا حكم التشريع وهو الذي تمتاز به إمامة الرسول عن غيرها من الرياسات فقد رسم لها الشارع فيها صراطا مستقيما، غير ما تسير عليه الأمم اللادينية.
3 وقد يتصرف عليه الصلاة والسلام بوصف القضاء كأن يحكم في قضية خاصة بحكم لا يقترن بما يدل على العموم، فلا يكون حكمه به تشريعاً عاما، وإنما
*(هوامش)*
(1) زاد المعاد، لابن القيم ص 194 ج 2 الطبعة الأولي بمطبعة محمد محمد عبداللطيف سنة 1347 هـ - 1928 م.