/ صفحه 73/
يفعل مثله تشبهاً به، ولكن ذلك محمول على قصد التبرك وإرضاء عاطفة الحب، لا على أن ذلك من الأحكام التشريعية.
* * *
مما ذكرنا يتبين أن العلماء متفقون على أن من أفعاله (صلى الله عليه وآله وسلم) ما صدر على سبيل العادة والجبلة وتلبية مقتضى البشرية في نواحيها المختلفة، ومنها ما صدر على سبيل التشريع. فليس هناك خلاف على هذا المبدأ، وإنما الخلاف في بعض ما يشتبه الأمر فيه، كالأمثلة التي ذكرناها.
السنة تشريع عام وخاص:
أشرنا فيما سبق إلى أن تكييف ما صدر عن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) باعتبار منصب من مناصبه الأربعة التي ذكرناها، له أهميته القصوى في الفقه لأن هذا التكييف تترتب عليه فروق جوهرية في الأحكام واعتبار أدلتها.
وقد بينا الفرق بين ما يصدر عن شخصيته البشرية، وما يصدر عنه بالصفة التشريعية، والآن نفرق بين ما يصدر عنه من التشريع فنقول:
1 إن ما صدر عنه (صلى الله عليه وآله وسلم) قد يكون تبليغاً عن الله تعالى وتشريعاً يتبين فيه أنه مبلغ عن الله، وذلك كالأمثلة التي ذكرناها من بيان لمجمل الكتاب، أو تخصيص لعامه ونحو ذلك.
وحكم هذا أنه تشريع عام باق إلى يوم القيامة ((فإن كان مأموراً به أقدم عليه كل أحد بنفسه وكذلك المباح وإن كان منهياً عنه اجتنبه كل أحد بنفسه))(1).
ويلحق بهذا ما جاء على سبيل الفتوى، بأن يسأله سائل عن حكم الله تعالى في أمر فيجيب بهذا الحكم، فإنه لا يعدو أن يكون مجيباً بما أوحي إليه به، فيكون
*(هوامش)*
(1) الفروق لشهاب الدين القرافي ص 205 ج 1 ص أولي مطبعة دار إحياء الكتب العربية سنة 1344 - راجع أيضا ما ذكره القرافي في هذا الموضوع من الأمثلة التي تردد الفقهاء فيما تلحق به. وقد ذكرها أيضا فضيلة الأستاذ الشيخ محمود شلتوت في كتابه (فقه القرآن والسنة ص 40).