/ صفحه 64/
فنحن إذا فتحنا هذا الباب واهتممنا بالكشف عن زلاتهم والكتابة في تصحيح أخطائهم فما ذلك إلا لأن الشرق اليوم متصل أشد اتصال بالغرب والغرب يهاجم الشرق في ميادين مختلفة أهمها في نظر الغرب المستعمر التشكيك في العقائد والزلزلة في اليقين وهم يستعينون في ذلك بشتى الطرق منها نشر المستشرقين لمؤلفات كلها سموم وطعون في أسلوب جذاب، وثوب شفاف من التفكير الحر الخداع، ولنا شباب يقرأ تلك الطعون في مؤلفاتهم بلغاتهم تارة وبما يترجم له أخرى إلى اللغة العربية وينشر بين ظهرانينا، فإذا لم نقم بتفنيد آرائهم وتزييف اعتراضاتهم والكشف عن خبيئهم عششت تلك الشبه في أفكار شبابنا فنشئوا ملحدين زنادقة يروجون لتلك الشبه وينشرون لتلك الأباطيل وينظرون إلى الدين نظرتهم إلى ثوب بال رث ويطيرون مع الأفكار الإلحادية والآراء الإباحية.
فالباطل لايقهر ولا يذوب إلا إذا اصطدم بقوة الحق وصولة أهله. وقوة الحق إما أن تكون مادية، وإما أن تكون فكرية، فالغلبة في آخر الأمر للحق لا محالة ((فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض)).
ولنبدأ الآن في التكلم عن تلك الزلات.
يقول شيخ المستشرقين الأستاذ (نولدكه) وهو من كبارهم وعمدتهم وأهم مؤلفاته في الألمانية. منها (تاريخ القرآن) نال عليه الجائزة في الأكاديمية الفرنساوية.
أنحى هذا المستشرق بالنقد المر، والاعتراض القاسي على أسلوب القصص في القرآن. فقال (نولد كه) في دائرة المعارف البريطانية تحت مادة (قرآن) ((وعلى الجملة فبينما نجد سوراً كثيرة من القرآن تعتبر من غير شك ذات قوة بيانية جديرة بالتقدير والاعتبار حتى بالنسبة للقاريء غير المسلم إذا بالكتاب من ناحية الجمال الفني في المقام الأول)).
((ولكن لكي نبدأ بما نقدر على نقده دعونا ننظر في بعض القصص الطويلة فهناك نشاهد العنف والجفاف يحلان محل الرصانة الملائمة بسير الأبطال وإن الربط الضروري سواء أكان في التعبير أم في تسلسل الحوادث مفقود في أكثر الأحيان