/ صفحه 63/
بفضل القرآن على الإنسانية وآثار تعاليمة في إنقاذ البشرية.
فكان هؤلاء المستشرقون ضروباً ثلاثة، فضرب لم يملك ناصية اللغة فأخطأ في نشر الكتب وفي فهم النصوص لكنه حفل بأمور شكلية لا فائدة لنا فيها.
وضرب ثان أثرت في دراساتهم مآرب السياسة والتعصب للدين، فوجهوا الحقائق وفسروها بما يوافق أغراضهم أو ما يسعون إليه. ولعل هذا الضرب هو الذي دفع الشرقيين من المسلمين العرب أن يرتابوا بالمستشرقين جميعاً لأن من المؤسف أن يسخر هؤلاء العلم الذي يسمو به الإنسان لإذلال الإنسان أو استعباده أو الاعتداء على تراثه أو الطعن على عقيدته بغير الحق.
بقي فريق ثالث أوتي الكثير من سعة العلم، والتمكن من العربية والإخلاص للبحث والتحرر والإنصاف فكانت دراساتهم مثمرة وأعمالهم نافعة وبحوثهم جديرة بالتجلة والاحترام.
فمن الإنصاف في الرأي والأمانة في الحديث أن نعترف لهم بالأثر البعيد في بعث اللغة العربية وآدابها بطبع نفائس الكتب في مطابعهم والتعليق عليها. وإلحاق الفهارس الميسرة للاستفادة منها.
فضلا عما عالجوه من البحوث المختلفة عن بلاد الشرق وتواريخها وأخلاق أممه وعاداتهم وشرائعهم ولغاتهم وعلومهم وفنونهم مما كان الغرب منه في جهالة تامة.
فإذا كان المستشرقون قد أغاروا على الشرق فنقلوا إلى لغاتهم علومه وفنونه فما أجدرنا نحن بأن نستغرب كما استشرقوا فننقل إلى لغاتهم محاسن ديننا وجمال تعاليمنا ونبين لهم أسس مدنيتنا وسمو مثلنا حتى يتذكروا أن الشرق مهد الحضارات وأن تعاليم الإسلام منبع المدنيات وأن القرآن دستور الإنسانية كفل لها أهنأ السعادات.
بيد أن للمستشرقين زلات ارتكبوا أكثرها عن عمد استجابه لنياتهم وتحقيقاً لأغراضهم ووقعوا في القليل منها عن خطأ في فهم النصوص وعجز عن الغوص إلى أعماقها والاهتداء إلى فهم أسرارها.