/ صفحه 436/
فما رسخت فيها تعاليم أي من ذينك المذهبين المسيحيين قبل ظهور هذه الفرقة الدينية مما يوضح سهولة انتشارها بسرعة مدهشة. وأما جذور هذه الفرقة فتمتد إلى ((المانوية)) التي نشأت في إيران في القرن الثالث الميلادي وكانت خليطا من العناصر المسيحية والإيرانية والبوذية، وأصل عقيدتها الصراع الدائم بين النور والظلمةأو بين إله الخير وإله الشر. ولعل هذه المانويةكانت أساس الفتنة الدينيةأيام الخليفة المهدي الذي يشير إليها في كتاب ينصح فيه ابنه الهادي بأن يجرد السيف على تلك العصابة قائلا: ((إني رأيت جدك العباس في المنام قلدني سيفين وأمرني بقتل أصحاب الاثنين))، ولكن المانوية انتشرت في أقطار كثيرة في آسيا وفي أوربا ومصر.
لقد تأثرت فرقة البوغومبلي بتعاليم الإسلام وبعض المذاهب المسيحية غير الرسمية ثم ظهرت في بلغاريا في منتصف القرن العاشر لتنتشر بعد ذلك في إيطاليا وجنوبي فرنسا بالإضافة إلى انتشارها في البلقان وسائر أقطار بيزنطةحيث نفذت إلى صفوف رجال الدين المسيحي حتىإن بطريرك القسطنطينية ((كوزما اتيك)) اتهم باعتناقها فعزل من منصبه سنة، ومما يشير إلى تأثر فرقةالبوغومبلي بالإسلام في شكلها الذي ظهر في بوسنةأن البوغومبلي كانوا لا يعتقدون أن عيسى (عليه السلام) هو الذي عذب وصلب ولا أن مريم الصديقةهي أم الإله ولا أن الخبز يتحول إلى جسد المسيح، إذ لو جاز تحوله لما جاز أكله، ولم يتخذوا الصليب شعارا لأنفسهم ولا الجرس أداةللدعوةإلى الصلاةو قالوا إن الصليب شعار الشيطان، واعتبروا التوسل إلى الصور والتماثيل شركا فلم تكن موجودةفي معابدهم التي كانت على بساطتها غايةفي النظافة، ولم يعترفوا للقساوسةبالحق في غفران الذنوب أو الحرمان وكانوا يستهزئون بالقديسين والتوسل إليهم،
وكانوا يصلون خمس صلوات في النهار وخمسا في الليل جماعات وهم يجثون علىركبهم، فقد أثر الإسلام في القوم كما أثر بصفةعامةفي تعاليم الكنيسةالمسيحيةالشرقية فقامت ثورةدينية في القسطنطينيةعلى الصور والتماثيل في الكنائس. وقد عدد الكاردينال