/ صفحه 435/
كما تقضي العادات الأوربية. فلما جاء وقت العشاء طاف صاحب الدار بنفسه علينا وبيده إبريق مملوء بالماء ليصب بنفسه ما يكفينا لغسل أيدينا، ولما أردت الاعتذار بأن الخادم يستطيع القيام بهذا أفهمني أن تقاليدهم تقضي بذلك. ثم جاء دور المائدة فأفهمني بأنهم يأكلون على الأرض ومن وعاء واحد ولكنه أراد مجاملتي فأحضر مائدة وملاعق وشوكا وسكاكين.
وإليكم ملخصا لفقرة أخرى من قصة((دي هايدن)): في بيت شروزادة (شهرزادة؟) زوجة أحد وجهاء البجناق ينشد المغني قصيدة حماسية عن بطل البجناك ((تونوزوبا)) وفيها محاورة بين هذا البطل وبين الأمير استيفان الهنغاري الذي جاء مع جنوده إلى ضفة نهر ((تبسا)) محاولا حمل تونوزوبا على اعتناق المسيحية ومن أجوبة تونوزوبا تبين لنا أنه مسلم قوي الإيمان لا يزعزعه عن عقيدته شيء، فهو لا يشتم المسيحية ولكنه ينفى ألوهية عيسى وأمه مريم (عليهما السلام)، ويقيم من الأدلة على ذلك ما يكفيه للاقتتناع بصحة إيمانه وبطلان عقيدة غريمه إن مثل هذا الثبات في مقاومة المبشرين المسيحيين يؤيد النظرية بأن مسلمي هنغاريا كانوا يفرون بدينهم إلى بوسنة.
الفرقة الدينية ((بوغومبلي)):
لقد كتب كثير من المؤرخين عن نشوء هذه الفرقة الدينية وانتشارها في بلغاريا وصربيا ثم في بوسنة ودالماسيا، ولكن بعض ما ذهب إليه العلماء الصرب والكروات بشأنها لا يخلو من غرض سياسي، إنهم يختلفون في أي المذهبين الأرثوذكسي أو الكاثوليكي كان سائدا في بوسنة قبل ظهور هذه الفرقة فيها وإلى أيهما كانت هذه الفرقة أقرب، وهم يرمون من وراء ذلك إلى تقرير تكأةيستندون إليها في إثبات ((الحق التاريخي)) لصربيا أو كرواتيا في ضم بوسنة. والحق أن الشقاق في الكنيسة المسيحيةبدأ في منتصف القرن التاسع وأدى استفحال أمره إلى الانفصال النهائي بين الكنيستين الشرقية والغربية 1053 حين تراشق بطريرك القسطنطينيةو بابا روما باللعنات، وأصبح الحد الفاصل بين الكنيستين في بلقالان يمتد خلال بوسنة