/ صفحه 409/
ذو الحسب الباهر، والنور الزاهر، يسحب ذيول سير السرى، ويحب النجاة من أجل الفرا، ويمن على الخروف النبيه، بجلد أبيه، قاني الصباغ، قريب عهد بالدباغ، ما ضل طالب قرظه ولا ضاع، بل ذاع ثناء صانعه وضاع، أثيث خمائل الصوف، يهزأ من الرياح بكل هو جاء عصوف، إذا ظهر إهابه، يخافه البرد ويهابه، ما في الثياب له ضريب، إذا نزل الجليد والضريب، ولا في اللباس له نظير، إذا عرى من ورقه الغصن النضير. إلخ - إذ بقى من النثر على هذا النمط مايقرب مما فات منه - وفي ختام الترجمة بعد استطراد طويل - يقول: ((وتوفى أبوالحسن بن خروف الأديب المذكور بحلب في سنة أربع وستمائة مترديا في جب رحمه الله تعالى))(1).
ليس بعد هذا البيان لأخبار كل من النحوي والأديب في وفيات الأعيان شك ولا غموض، فإنه نص صريح لا يتطرق إليه احتمال أو يعتريه تردد.
وإني أدع المقارنة بينهما بذكر ما يتعين به كل منهما عن الآخر الآن، ريثما أورد المراجع المتأخرة التي مزجت بينهما وأدمجت الشاعر في النحوي، فأهملت الشاعر، والمحي فيها الأشارة إليه، فلم تترجم إلا للنحوي فقط، وعُمي الأمر على الناظر فيها والمستفيد منها.
مراجع النحوي المتأخرة المعقب عليها:
إنها عديدة وأسبقها في الزمن الذي سلك هذا المسلك الملتوي ((فوات الوفيات)) لابن شاكر، فهو الذي طمس المعالم وأثار العثير في نظر من بعده إذا جاراه وقلده، لأنه جعل النحوي شاعراً ارتحل من المغرب إلى المشرق، ولقى منونه في حلب، والعجب من ابن شاكر وعنوان كتابه: ((فوات الوفيات)) كيف فات عليه مادون في الوفيات الذي اعتبر كتابه تكملة له؟ والمظنون بل المتيقن أنه اطلع عليه وفيه النص الكافي على الاثنين، فما كان يدور بالخلد أن يسهو ابن شاكر هذا السهو المشين، فيورط من جاء بعده فيه، فعليه أولا ينحى باللائمة، وعليهم ثانيا يقع التقصير.

*(هوامش)*
(1) الوفيات ج 6 ص 91 وما بعدها.