/ صفحه 400/
الإسلامية: بالاشتراك في الأمر بالمعروف، والنهى عن المنكر، وإقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، وطاعة الله ورسوله. فولاية أجنبي عليهم ستذهب بهذه الخصائص، وبالتالي ستذهب بشخصية الجماعة الإسلامية، ويومئذ لا يكون لها وجود، كجماعة إسلامية. لأن هذا الأجنبي الذي يتولى أمرهم لا يشاركهم في هذا الخصائص، ولذا لايقدرها، وربما يعاديها ويعمل على إفنائها.
يوصى القرآن بذلك لأنه إن قبلت ولاية الأجنبي ووصايته، ابتعدت الجماعة عن الهدف والغاية التي اجتمعت حولها من قبل، وأصبحت أفرادا فقط، مختلفي النزعة والغرض، لا جامع يجمعهم ولا رابط يؤكد الصلات بينهم.
2-ثانيا: أوصى القرآن كذلك - بعد أن أحاط الجماعة الإسلامية بهذا السور الخارجي، وهو إبعاد ولاية الأجنبي عليهم - باتباع سبيل ((العدل)) في الحكم بين الناس، فيقول: ((إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها، وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل)).
يوصى القرآن بالعدل في القضاء والفصل بين الناس، لأنه أساس الاطمئنان بين الأفراد على أنهم سواء في ظل الجماعة، وأن الجماعة لذلك ليست حزبا تفصل بين فريق موال وفريق مخاصم؛ بل هي رعاية عامة. وهذا الاطمئنان بالمساواة في العدل يوحى بدوره إلى تمسك الأفراد بجماعتهم، وإلى الكفاح في سبيل بقائها، وإلى مؤازرتها ضد عدوها الخارجي.
3-ثالثا: أوصى القرآن بالتريث في قبول الأخبار المغرضه، وفحص شائعات السوء. يقول الله تعالى: ((يأيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين)).
أوصىالقرآن بذلك للإبقاء على العلاقات سليمة صافية. فإن سرعة التصديق بالأخبار والشائعات المغرضة، سواء فيما يتصل بفرد وفرد، أو بأسرة وأسرة، أو فيما يتصل بالأفراد والحكومة، لا تقف عند حد تمزيق وحدة الجماعة، بل من شأن هذه السرعة أن تثير فتنة قد تنتهى بخصومة عنيفة بين أبناء الجماعة. وبذلك تتحول الجماعة إلى طوائف متباينة القصد والسعي، وعندئذ تصير إلى فنائها، كجماعة.