/ صفحه 387/
معموله، أو تأخره، وتعريف المبتدأ أو تنكيره، وأحكام كل منهما، وباقي الأسماء معربهما ومبنيها. و.و. و. كل أولئك مختلف فيه لم تجتمع كلمة النحاة على رأى موحد بشأنه، ولم تتفق أحكامهم على شيء من كلياته أو مسائله الجزئية وقد تصل المذاهب فيه إلى عشرة أو تزيد؛ كالذي نقله الأشموني في إعراب الأسماء الخمسة؛ حيث قال: إن فيها عشرة مذاهب فلم يرض ذلك الصبان فبادر بقوله إنها اثنا عشر … ومن فضول القول سرد الأمثلة لهذا فهو معروف للشادين في النحو، بله المتفرغين له، أو المترددين على كتبه ودراساته.
وحسبك أن تقرأ بابا كباب المبتدأ والخبر، أو باب كان وأخواتها والملحقات بها، أو غيرها من النواسخ وغير النواسخ - في الهمع، أو ابن عقيل وحاشيته، أو الأشموني وحاشيته - فترى العجب العاجب من أمر ذلك الخلاف. بل حسبك أن تقرأ باب الجوازم خاصة في كتاب الهمع لتفزع مما ترى من خلاف في كل مسأله. وهذا الخلاف والتفرق في كثير من القواعد النحوية كان أظهر العيوب فيها وأكبر العقبات في تحصيلها والوصول فيها إلى ضوابط محدودة سليمة؛ يسهل استخدامها، والاستعانة بها في التفاهم الكلامي والكتابي على وجه محكم دقيق؛ لا فوضى فيه ولا اضطراب؛ شأن العلوم القاعدية المضبوطة التي تأخذ بيد صاحبها إلى غاياتها، وتنهض به في يسر وسهولة ودقة إلى حيث يبغى منها، ضجر المتعلمون من ذلك، وانصرف فريق منهم عن تعب التحصيل ومشقة الاستيعاب، وفر بنفسه من هذه البلبلة والفوضي، قانعا بالقليل أو الأقل، مؤمنا بأن ما فاته ليس ذا بال، وأن له من المذاهب النحوية وتناقض النحاة ما يصوب خطأه إن أخطأ في زعم فريق وما يشجعه على استخدام ذوقه الخاص، والاكتفاء به دون احتمال متاعب النحو وتجرع مرارته، وصح عندهم ما يقال: إن كل ضبط للكلمات سائغ، ولن يعدم سندا من آراء النحاة وأدلتهم.
والحق أن النحاة الأوائل - ممن كانوا في الطليعة، وتبعهم في هذا أخلافهم - أساءوا إلى النحو بهذه البلبلة والآراء المضطربه المتعارضة، وأنهم - على جليل شأنهم،