/ صفحه 374/
نكتة تقتضيه، وفضل بيان يؤديه في الكلام، كما أن ذلك كله أيضا لا يمنع الاستطراد الطويل أن يكون في بعض الأحيان داعي ترويح، وباعث إقبال ونشاط؛ لما يصحبه من التنقل والتنويع، إذا عد في أحيان أخرى داعى اضطراب، وباعث فرقة وشتات لا يستطيع المرء معهما التتبع والاستيعاب من قريب.
وأكثر ما يكون الاستطراد في القصص الشعري انتقالا من الوصف، وربما كان انتقالا من غيره كذلك، ولكن حين الوصف أيضا، فإن كان من نسيب مثلا كان حين يصف الشارع صاحبته، ويشيد بمحاسنها.
فبينا تراه يصف ناقته مثلا، إذا به يشبهها بحيوان جلد من حيوان الصحراء كالثور الوحشي مثلا، ثم تراه يدع الحديث عن الناقةجانبا، ويصير إلى الحديث عن الثور الذي شبهها به، حديثا قصيرا أو طويلا، تتألف منه قصةمستقلةتدور حوادثها حوله، وتبين الكثير من أحواله المتصلةبالموضوع الأصيل.
ومن القصص القصيرة، قصةالعقاب التي شبه بها امرؤ القيس فرسه، وقد رويناها آنفا، ومنها قصةالحمار الوحشي الذي شبه به حاجب بن حبيب ا لأسدي الناقة التي تمنى أن يبلغ بها دار صاحبته(1)، وقصةالدرة والبيضة، اللتين شبه بهما المخبل السعدي صاحبته، وستأتي بموضعها من هذا المقال إن شاءالله.
ومن القصص الطويلةقصةالدرة التي شبه بها الأعشى ميمون صاحبته، فذكر كيف خرج في طلبها أربعةغواصين اجتمعوا على صيدها، وإن اختلفوا لونا وأصلا وكيف أنهم تنازعوا الرياسة، ثم ما لبثوا أن ألقوا بها إلى رجل منهم، صلب العود، ثبت الجنان، فانطلقت بهم سفينةصخمة، كأنها الناقةتم خلقها، واستد طولها، تخوض بهم العباب، وتتخطى اللجج، شهراً في إثر شهر، حتى ساءظنهم، وتطرق اليأس إليهم. ثم ألقت السفينةمراسيها، وانصب منها إلى البحر غواص طويل القامة، مقوس الظهر، قليل المال، سيء الحال، يمج من فيه الزيت كعادة الغواصين، ينشد درةهلك أبوه من قبله في طلبها، وانتصف النهار يغمره الماء،
*(هوامش)*
(1) المفضليات: 370.