/ صفحه 368/
والحياة لا تبقى فيها هو بالغ الحرارة، أو بالغ البرودة، وبعد أن بردت الأرض كانت رمادا، أو كالرماد الفاقد لجميع وسائل الحياة، إذن الحياةلم تتولد من الشمس، ولا من الأرض بعد انفصالها وخمودها، وإنما خلقتها في الجوامد قوة إلهية.
وقد يقال بأن الحياةجاءت إلى الأرض من بعض الكواكب الأخرى في شكل جرثومة، وبقيت هذه الجرثومة زمنا غير محدود تتقلب في الفضاء حتى وصلت إلى الأرض.
فنقول: أولا: من العسير جدا على تلك الجرثومة أن تبقى حيةتقاوم الحرارة والكثافةو ما إليها مدةسفرها الشاق الطويل.
ثانيا: نوجه السؤال إلى هذا القائل: من أين جاءت الحياة إلى ذلك الكواكب؟.
وإن قال قائل بأن الحياة أو جدت نفسها، أو هي عرض من أعراض المادة، فالنمو والتعقل والتذكر، واتلحب والبغض، والفرح والحزن، وما إلى ذلك كلها صفات ثانوية تستتبع كون المادةعلىهيئة خاصةو تركيب خاص، تماما كالسير بالنسبة إلى السيارة والتزمير إلى الزمور.
إن قيل هذا، سألنا القائل: لماذا وجدت الحياة في مادةدون أخرى؟ لماذا لم توجد في الصخر والحصى ما دام وجودها اغتباطا أو ما أشبه؟ ولمذا تعددت الحياة وتنوعت من النملةإلى الفيل في الحيوان، ومن النبتة الصغيرة إلى الشجرة الشاهقة في النبات، ومن البليد إلى العبقرى في الإنسان؟ وكيف احتفظت كل فصيلةبصفاتها وممزاتها، وأدت مهمتها بدقة ونظام مدى ملايين السنين؟ وهل من الممكن أن نتصور أن العقل والشعور قد أفرزتهما المادة إفرازا، كما تفرز المعدة فضلات الطعام؟
لقد وهب الله سبحانه الحياة للكائنات النامية من إنسان وحيوان ونبات، وجعل كل نوع مستقلا عن الآخر استقلالا تاما، فلم يتولد إنسان من حيوان أو نباته، ولا حيوان من نبات أو إنسان، ولا حيوان عضوي من غير عضوي، أو العكس، أما نظرية داروين القائلة بأن أصل الإنسان قرد فقد جاء في كتاب: