/ صفحه 367/
ظاهر، لأن قانون السببية عقلي، والقوانين العقليةلا تقبل التخصيص والاستثناء، وإنما تقبله القوانين الوضعية والتشريعية، مثلا لنا أن نضع قانونا ينص على أن كل من يخالف السير يعاقب بكذا إلا إذا كان غريبا عن الوطن، وليس لنا أن نقول بأن المساويين لثالث متساويان إلا إذا كان من خشب! لأن حكم العقل لا يقبل الاستثناء، ولم أر واحدا من القائلين بقانون السببية فرق بين الحادث الجزئي والحادث الكلي.
ومن هنا تخصص فريق لمعرفة أسباب الأنواع الخاصةكالحيوان والنبات والمعادن، وفريق
آخر تخصص لمعرفة أسباب الكون بمجموعه كوحدة مترابطة، ويسمى الفريق الأول العلماء، والفريق الثاني الفلاسفة(1)، والمتخصصون بشئون النبات، والمتخصصون بشئون الحيوان، وعلماءالكيمياء، يعتمدون على الحس والتجربة، ويتخذون من المشاهدةأساسا لدراستهم، أما الفلاسفة فيعتمدون على العقل والاستنتاج، حيث لا تقع فروضه تحت الرؤية، ولا يمكن إثبات شيء منها بالحس، وهذا ما أوقع مصطفى محمود في الاشتباه، ودفعه لإنكار ما يثبته العقل، والاعتراف بما يثبت بالمشاهدة فقط، مع أنه لا فرق بينهما إلا في طريق الإثبات والاستدلال، ولو كان الأمر كما يعتقد الكاتب لما تخصص لمعرفةكل فريق، ولوجب أن نحرق كتب الفلسفة، وكل ما يبحث عن الكون ونظامه، وصفات الخير والشر، والجمال والقبح، لأنها لا ترى بالحس والعيان!
السؤال الخامس: أثبت علماء هذا العصر أن الأرض قطعةانفصلت من الشمس، وأن الحياةفيها وعليها كانت محالا وغير ممكنةبوجه من الوجوه، لأن حرارة سطح الشمس ستة آلاف درجةمئوية، أما باطنها فحرارته أربعون مليون درجة،

*(هوامش)*
(1) كانوا في سالف الدهر لا يفرقون بين العلم والفلسفة، وكانت العلوم الطبيعية في نظر القدماء جزءا من الفلسفة، ومنذ ثلاثة قرون حصلت التفرقة، فاختص العلم بما يقع تحت الحس، وانصرفت الفلسفةإلى دراسةما لا يحس، أو قل: إن موضوع العلم هو الطبيعة، وموضوع الفلسفة ماوراءالطبيعة.