/ صفحه 366/
والادخار والنظام؟! لقد جربوا وبذلوا كل الجهود فأتوا بكائن منحط ظنوه شبيها بالحى، وبعد الدرس والتمحيص اتضح لهم أنه أبعد ما يكون عن الكائنات الحية بمعناها الحقيقي، وغريب حقا أن يؤمن مصطفى محمود بالعلم، ثم يكفر بخالق الكون والإنسان.
السؤال الرابع: هل نحن وكل ما عدانا من الكواكب وما فيها من مقومات الحياة والنظام والترتيب وجد صدفة دون تصميم وقصد؟!
وهنا يجيب مصطفى محمود بأن الاستدلال على وجود الله بقانون السببية مغالطة وخطأ، لأن القول بأن الحركة تحتاج إلى محرك، والنظام إلى منظم، والوجود إلى موجد إنما ينطبق على الحوادث الجزئية التي تقع في الطبيعة. أما الطبيعة نفسها فلا يحتاج وجودها إلى سبب، بل هي غاية وسبب في ذاتها، ولا تفتقر إلى من يوجدها.
فصاحب الكتاب يسلم بقانون السببية، ولكنه يخصه بالأحداث الجزئية دون السبب الكلي، فالباب يصفق، لأن الرياح تهب، والرياح تهب، لأن هناك تخلخلا في الجو، أما الوجود بمجموعه فغنى عن كل سبب.
والذي حمل مصطفىعلىهذا التفصيل أنه رأى بعينه أسباب الحوادث الجزئية، فقال بأن لحركتها محركا، ولم ير السبب الأول للكون، لم ينظر إليه بعينه، ولم يلمسه بيده فجزم بأنه لا شيء وراءالطبيعة! وكأنه يقول كل ما لا يثبت بالمشاهدة لا يمكن أن يكون صحيحا. ونحن بدورنا نطالبه أن يثبت هذا القول بالمشاهدة، وإلا كان دعوى بلا دليل، ومن قال لك كل ما تسمعه فهو كذب، فقد حكم على نفسه بأنه كاذب، لأن القضيةتشمل نفسها، وما أشبه قول مصطفى محمود بقول السفسطائيين بأن الأشياء لا حقيقة لها أبدا، لأنه يجوز ألا تكون على ما نشاهدها ونراها، وأوجيبوا بأنه على منطقكم هذا لا نستطيع أن نحكم بوجودكم، لأنه من الجائز أن تكونوا غير موجودين.
وعلى أي الأحوال فإن التفصيل بين الحدث الكلي والحدث الجزئي خطأ