/ صفحه 360/
بالعرف، وأعرض عن الجاهلين، وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه سميع عليم)) ويقول سبحانه: ((إدفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم)).
بل إنه عند العقاب يؤثر العفو والصبر إن وجد المجنى عليه إلى ذلك سبيلا، فإن الله تعالى يقول: ((وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به، ولئن صبرتم لهو خير للصابرين، واصبر وما صبرك إلا بالله، ولا تحزن عليهم ولا تك في ضيق مما يمكرون، إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون)) ويقول سبحانه: ((وجزاء سيئة سيئة مثلها، فمن عفا وأصلح فأجره على الله)).
وحتى في القصاص يشير القرآن إلى المجني عليه أو أوليائه بأن يعفوا إن وسعهم ذلك، ويقول سبحانه بعد بيان القصاص: ((فمن عفى له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان، ذلك تخفيف من ربكم ورحمة، فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم)).
ويتبين من هذا أن قانون المعاملة الإنسانية في الإسلام يقتضى أن تكون المعاملة بالمثل أمرا سائغا، وأن تكون السماحة أمرا راجحا، فإن المعاملة المطلقة بالمثل قد تولد جفوة، فإذا كانت معاملةالأب لابنه بالمثل، والأخ لأخيه بالمثل، والجار لجاره بالمثل، والعشير لعشيره، والزميل لزميله بالمثل، فإن الجفوة قد تسود وقد تغلب، والجماعة الإسلاميةالفاضلة تربطها المودةو تقطعها الجفوة.
وإذا كان المذكور في بعض الكتب أن السيد المسيح (عليه السلام) يقول: ((من ضربك على خدك الأيمن فأدر له الأيسر)) فالمنسوب إلىالنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يقوم علىأمور ثلاثة:
أولها: منع الاستمرار في الاعتداء، فلا يمكن المعتدي من الاسترسال في إجرامه لأن ذلك يكون تشجيعاً للإجرام، بل لا بد أن يفل غرب المعتدي، وإن تركه يستمر مع القدرة على رده إجرام سلبي.
الأمر الثاني: المعاملةبالمثل إن لم يمكن الدفع إلا بذلك، ولذلك يقول الله تعالى: