/ صفحه 361/
((فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم واتقوا الله، واعلموا أن الله مع المتقين)).
والأمر الثالث: السماحةعند المقدرة، والعفو حتى تكون المودة، ولذلك يقول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فيما رواه الإمام أحمد رضى الله عنه: ((ما نقص مال من صدقة، وما زاد عبد بعفو إلا عزا، ومن تواضع لله رفعه الله)).
8 وإذا كانت المودة أمرا مطلوبا في الأخلاق الفاضلة، فإن الإسلام قد أوجب ما يحميها وما يبقيها، وإن لها حصنين يقيانها من عواصف الغضب والمكر السيء.
أول هذين الحصنين: منع الأذى النفسي، والأذى القولي، فلا يظن الشخص بأخيه إلا خيرا إلا أن تقوم البينات على السوء، فإنه يكون من الاهمال ألا يعمل على توقى الضرر، فلا ينتظر حتى يورده موارد الهلاك، وإن الظن السيء إذا كان في جماعةفقدت الثقة، ومع فقد الثقةلايكون تعاون على البر والتقوى، بل يكون تعاون على الاثم والعدوان، والله تعالى يقول: ((وتعانوا علىالبر والتقوى، ولا تعاونوا على الاثم والعدوان)) ولقد بين القرآن الكريم أن بعض الظن هو المفرق، والدافع إلى المنكرات اللسانية من غيبة ونميمة، والمنكرات الفعلية من تجسس وتبييت للشر واعتداء، وتربص الدوائر بمن يتظنن فيه، ولذلك قال الله تعالى: ((يأيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم، ولا نساء من نساءعسىأن يكن خيرا منهن، ولا تلمزوا أنفسكم، ولا تنابزوا بالألقاب، بئس الاسم الفسوق بعد الايمان، ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون، يأيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم، ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه واتقوالله، إن الله تواب رحيم)).
وإن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قد أكد هذا المعنى في جملةأحاديث نبوية، فقد قال (عليه السلام): ((إياكم والظن، فإن الظن أكذب الحديث، ولا تحسسوا، ولا تجسسوا، ولا يغتب بعضكم بعضا وكونوا عباد الله إخوانا)).