/ صفحه 359/
بالنوافل، حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يسعى بها)) أي يكون العمل كله خيرا في ذكر لله تعالى.
6 هذا مقام العمل من الإيمان يقويه وينميه وهو روحه ونتيجته وثمرته، ولكن ما القياس الضابط للعمل الذي يعمله المؤمن فيكون عملا خلقيا، أي ما المقياس الخلقي الإسلامي للأعمال حتى تكون خيرا في نظر الإسلام فيحث عليه أو تكون شرا في نظره فينهى عنه؟
لقد وضع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قانونا خلقيا هو مقياس ضابط للعمل من حيث السلوك الإنساني فقد قال عليه الصلاة والسلام: ((عامل الناس بما تحب أن يعاملوك به)). إن هذا الحديث النبوي مقياس ضابط للمعاملةالإنسانية الفاضلة، ولقد قال (كانت) الفيلسوف الألماني في مقياس الخير والشر إن العمل الخلقي هو الذي يفرض قانونا يباح للناس أن يفعلوه، فإن كانت النتيجة من فعل الناس جميعا له النفع فإنه يكون خيرا، وإن كانت النتيجةالضرر والانهيار الاجتماعي فإن الفعل يكون شرا. هذا مبدأ في السلوك قالوا إنه أقوى ما وصل إليه العقل البشرى في السلوك العام الفاضل، ولو وازنا بين هذا الكلام والحكمة النبوية التي تعد من جوامع الكلم لوجدنا كلام الرسول في بيان السلوك الفاضل أحكم وأدق، وأسهل تنفيذا وأكثر إقناعا، وأشد تأثيرا في البناء الاجتماعي.
7 إن الإنسان دائما يبغى لنفسه الكثير، ويحب لها أكبر نفع، وأن تكون الفائزة بالقدح المعلى، وأن يكون لها التفوق، فالنبي يقول في الحديث السابق: هذا الذي تبغونه لأنفسكم ابغوه لغيركم، اطلبوه لهم، ومقتضي هذا ألا نعطيهم حقوقهم فقط، بل نزيد لتكون الزيادة حصنا يمنع الاعتداء، وبهذا يتبين معنى قوله (صلى الله عليه وآله وسلم): ((رحم الله عبدا كان سمحا إذا باع، سمحا إذا اشترى، سمحا إذا عامل)).
فالإسلام لم يجعل قانون الأخلاق المعاملةبالمثل، فقط بل أوجب مع المعاملة بالمثل السماحة، وحسنها وزينها، ولذا يقول الله تعالى: ((خذ العفو، وامرأ