/ صفحه 358/
وإن الصبر الذي هو باب العمل له شعب ثلاث: صبر يجل النفس عن الوقوع في مراتع الهوى المردى، وصبر يتحمل المكاره عند نزول الشدائد، وصبر على العمل وحمل للنفس على الاستمرار، وإن الإسلام لكي يربي النفس على الصبر حث المسلم علىأن يختار من الأعمال ما يستطيع الاستمرار عليه، حتى يمرن على فعل الخير، إذ أن المران على الخير يربي الصبر، ولذا يقول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم). ((أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل)) ويحث على اختيار السهل الممكن، ولا يختار الصعب العسير، ولذا يقول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): ((لن يشاد هذا الذين أحد إلا غلبه، ولكن سددوا وقاربوا)).
5 هذا شأن الصبر في العمل بموجب الإيمان، أما الصلاة فإنها ذكر الله، وذكر الله والدوام عليه من شأنه أن يوجد اطمئنان القلب، والاتجاه إلى الله تعالى، ولذلك يقول تعالى: ((الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله، ألا بذكر الله تطمئن القلوب)) ومع اطمئنان القلوب، واستشعار رقابةالله دائما يتجه الإنسان إلى العمل الصالح ويمتنع عن الفاسد، ولذلك قال تعالى: ((إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر)).
وإن الإسلام شرع الصلوات خمسا، تستغرق النهار كله وطرفا من الليل، فإنه إذا أصبح صلى فأضاء قلبه بذكر الله، واستقبل أعمال الدنيا مستشعرا عظمته وسلطانه في ملكوته، حتى إذا وشك القلب أن يصدأ جاءت صلاة الظهر، فأقامها وأداها حق أدائها، فاستنارت بصيرته، وعمر قلبه ذكر الله تعالى، حتى إذا أو شك النور أن يطفيء جاءت صلاة العصر، وهكذا صلاةالعشى، حتى يختم يومه بذكرالله كما ابتدأه، وهذا مغزى قوله تعالى: ((فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون، وله الحمد في السموات والأرض وعشيا وحين تظهرون)).
وإنه تتخلل تلك الفرائض صلاةالنوافل التي يحسن بالمؤمن أن يكثر منها ليستمر على ذكر الله تعالى الذي هو نور السموات والأرض، وطريق العمل الصالح، ولقد قال (صلى الله عليه وآله وسلم) عن الله: ((لا يزال عبدي يتقرب إلى