/ صفحه 354/
تعددت مذاهبهم، وفرقهم، وكثرت فتنهم، فتعددت بهم السبل، وتفرقت بهم الكلمة، وحدثت فيما بينهم ثغور استطاع الخصوم أن يلجوا منها إليهم، فضاعفوا تفرقهم، وأخذوا بهم بعيدا عن صراط الله المستقيم.
هذا وقد شرح رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) هذه الآية شرحا تصويريا بيده الكريمة فيما يحدث به عبدالله بن مسعود، قال: خط رسول الله صلى الله عليه وسلم خطا بيده، ثم قال: ((هذا سبيل الله مستقيما)) ثم خط خطوطا عن يمين هذا الخط وعن شماله، ثم قال: ((وهذه السبل ليس منها سبيل إلا عليه شيطان يدعو إليه)) ثم قرأ الآية كلها: ((وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله)).
وبعد، فأين المسلمون اليوم حينما يسمعون هذه الآية، ثم ينظرون إلى ما هم فيه من تفرق في الآراء والأحكام والسلطان، ومجافاة لأحكام الله، وبغض لما لا يتفق وأهواءهم منها، ومن الارتماء في أحضان غيرهم وموالاة الأعداء، أين يضعون أنفسهم حينما يسمعون هذه الآية، وحينما يسمعون قول الله تعالى بعدها: ((إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء، إنما أمرهم إلى الله ثم ينبئهم بما كانوا يفعلون)).
وبعد: فهده هي الوصايا العشر، تضع أساس العقيدة في توحيد الله، وتبنى الأسرة على أساس من الخلق الفاضل بالإحسان إلى الوالدين، وتحفظ الاجتماع بحرمة الأنفس والأعراض والأموال والنظام العام، ثم تربط التقوى لعامةالمطلقة التي هي منبع كل خير، وسبيل كل فلاح بالتزام صراط الله المستقيم. فاللهم اهدنا الصراط المستقيم، صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم، ولا الضالين.