/ صفحه 355/
الخلق الإسلامى
لحضرةصاحب الفضيلة الأستاذ الجليل الشيخ محمد أبوزهره
وكيل كلية الحقوق بجامعةالقاهرة
-4-
1 انتهينا في مقالنا السابق إلى أن الإيمان الصادق والإذعان للحق هو النقطة الثالثة في خط الأخلاق المستقيم، غير أن الإيمان الذي ينتهي إلى الإذعان للحق، وتقديم النفس طائعة في سبيله، لا تستبدل به سواه، لا يكون صحيحا إلا إذا كان معه عمل على مقتضاه، وسير على منهاجه، فإن العمل ثمرةمن ثمرات الإيمان، وإن شئت فقل هو جزء من شجرته، فإذا كان الاعتقاد هو جذور هذه الشجرة، فالعمل هو غصونها وثمرتها، وإذا كانت الشجرة تستمد من أغصانها نماءو حياة، إذ هي التي تستقبل الشمس في غدوها ورواحها، وضوءالشمس وحرارتها فيهما أكثر العناصر المنمية للأشجار.
إن الإيمان لا يحيا إلا بالعمل، بل لا يتم تكونيه إلا بالعمل، فإن حقيقة الإيمان هي الإذعان، ولا يتحقق ذلك إلا بالعمل بمقتضاه، وإلا كان العلم بالحقيقةمن غير عمل بها تمردا عليها، والتمرد والإذعان نقيضان لا يجتمعان.
2 من أجل ذلك كانت النقطة الرابعةفي خط الخلق الإسلامي المستقيم هي العمل بموجب الإيمان، فهو غايةالخلق الفاضل، ونهايةالإيمان الصادق، وثمرةالشرائع، فليست الشرائع السماويةكما فهم بعض الناس مناجاةفي الصوامع، وتهجدات في المعابد، وعكوفا على الصلوات، إنما الشرائع السماويةنظم عملية فاضلة تغذي جذورها العقائد الصحيحة والنيات المخلصة، والألسنةالطيبة.