/ صفحه 33/
فإن الهداية الإسلامية توصف دائما بأنها الطريق المستقيم، والصراط المستقيم، ففي فاتحة الكتاب التي نتلوها حين نصبح وحين نمسي وفي الظهيرة وفي العشي، نجد الدعاء الثابت في قوله تعالى: ((إهدنا الصراط المستقيم، صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين)) ولقد قال تعالى في وصف الهداية المحمدية ((وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم))، وقال تعالى: ((وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله)).
وهكذا نجد الآيات الكثيرة التي تصرح بأن الشرع الإسلامي مهيئه هو الطريق المستقيم. ولقد صرح النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بأن الاستقامة هي المعنى الجامع لكل حقائق الإسلام، ومناهج الإيمان، فقد روى مسلم عن سفيان بن عبدالله الأنصاري أنه قال قلت يا رسول: ((قل لي في الإسلام قولا لا أسأل عنه أحداً غيرك فقال قل آمنت بالله، ثم استقم ((فالاستقامة كما يدل الحديث هي المعنى الجامع لمعاني الأخلاق، وحقائق الإسلام، ولذلك قال الله تعالى مخاطباً نبيه ((فاستقم كما أمرت ومن تاب معك)) وقال تعالى في وصف المؤمنين ((إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا، وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون، نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الاخرة ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم، ولكم فيها ما تدعون)).
وإن الاستقامة تبتديء بالفكر في اتجاهه، والقلب في يقينه، والنفس في مشاعرها ثم تنطلق إلى اللسان في نطقه، وإلى الجوارح فيما تكسب بالليل والنهار، ثم هي مناط السلوك الاجتماعي والائتلاف الإسلامي.
فالخط المستقيم الذي هو أساس السلوك القويم يبتديء بالنفس وهو سلامة الاتجاه، بأن يتجه إلى الأمر مخلصاً في طلبه، قد أخرج كل دواعي الهوى والغرض من نفسه، وذلك الإخلاص في طلب أي أمر من الأمور هو أساس الفضيلة.
والإخلاص يتكون من أمور سلبية، وأمور أخرى إيجابية، أما الأمور السلبية فهي منع الهوى، ومنع الغرض ومنع الشهوة من التحكم في التوجيه،