/ صفحه 313/
عند الموازنة؛ فلو أن أمة مؤمنة وزنت بامرأة مشركة؛ لكان لها في نفس المؤمن رجحان وإيثار، ولو أن عبدا مؤمناوزن برجل مشرك لكان له في نفس المؤمنة رجحان وإيثار؛ فهو بهذا يثير فيهم نخوة الإيمان، ويقابل بها نخوة المعاظمة والمكاثرة والتفاخر بالزوجية. ولا شك أنه يصيب من ذلك هدفه، فالقوم مؤمنون لايعدلون بإيمانهم شيئا من أغراض هذه الحياة.
الثاني: وصفه المشركين والمشركات في هذا المجال بقوله: ((أولئك يدعون إلى النار)) فإن معناه: كيف يعرض المؤمن نفسه وما عسى أن يرزق به من بنين وبنات ثمرة لهذه الزوجية إلى خطر الارتماء في أحضان الشرك المفضي إلى النار، وهل مثل ذلك في القياس إلا كمثل امريء يلقى بنفسه طائعا مختارا في النار ويظن أنه في حصانة منها وأنها لاتحرقه؟ وهبه قد تحصن هو منها فهل يضمن حصانة ذريته؟ لا شك أن الحزم هو الابتعاد عن النار جملة، والتماس الحياة في كنف آمن غير هذا الكنف.
1 ويقول الله جل ثناؤه في أمر المحيض: ((ويسألونك عن المحيض، قل هو أذى، فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن، فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله، إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين)).
فيعلل التشريع في ذلك، وهو وجوب اعتزال النساء في المحيض، وعدم قربهن إلا بعد التطهر، بعلة طبيعية يتقبلها كل عاقل حريص على نفسه وصحته، وهي أن هذا المحيض أذى؛ وفي هذا التعبير دقة وبراعة وإقناع، حيث جعله نفس الأذى، وأتى به صالحا لأن يفهم منه معنى التأذي والنفرة من القذر والتنزه عنه، وأن يفهم منه معنى التأثير على الصحة وإلحاق الضرر بالبرآء المعافين.
2 ومن أمثله ذلك - قوله جل ثناؤه: ((يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه، قل قتال فيه كبير، وصد عن سبيل الله وكفر به والمسجد الحرام؛ وإخراج أهله منه أكبر عندالله، والفتنة أكبر من القتل، ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا)).