/ صفحه 301/
من الوجهة القانونية لتحقيق استعمار الدول الضعيفة أو الصغيرة عن طريق الأمم الكبرى. وما جاء به قانونها مما عرف بـ((الانتداب)) أو ((الوصاية)) علي بلد ما لدولة كبرى هو نموذج عملي على تحقيق غايات الدول العظمى باسم القانون العام. وهذه الغايات هي استذلال واستغلال الدول الصغرى لحساب الدول الكبرى؛ هي انتقاص لحياة الشعوب الضعيفة لرفع مستوى حياة الشعوب القوية.
وهيئة الأمم المتحدة القائمة ليست إلا صورة مكررة لعصبة الأمم السابقة في قانونها، وفي أهدافها. ولذلك يوم أن رأت بعض الدول الكبرى في الماضي القريب، أن مصالحها الاستعمارية لم تتحقق - لأن أغلبية الدول الأعضاء في هذه الهيئة عارضت هذا الجشع الاستعماري - أعلنت أنها لم تعد صالحة للفصل في القضايا الدولية، والمشاكل بين الشعوب. ويتجلي هذا في مشكلة قناة السويس في نوفمبر سنة 1956.
ولأن الفلسفة نشأت عن ((محدودية)) الإنسان، ولأن القانون نشأ على هذا النحو أيضا - كانت الخصومة المذهبية طابعا للفلسفة، وكانت المفارقات الواضحة في القوانين الخاصة، والتفسيرات المتباينة للقانون الدولى العام، ظاهرة مصاحبة للقانون الوضعي.
يضم إلى هذه النتيجة - وهي أن الله غير محدد وغير محدود فيما يوحى به لصالح البشرية، وأن الإنسان على عكس ذلك - شيء رئيسي آخر يلحق الفلسفة، ويلحق القانون. وهو أن من يتبع المذهب الفلسفي، أو من يجب عليه أن يطيع القانون، يسير في اتباعه، وفي طاعته، على أساس أن مايتبع وما يطاع هنا ليس إلا صنعة لبشر. ومعنى ذلك ليس فيها عصمة، وليس فيها توكيد للحق أو للعدل. إن هو إلا ظن إنسان، قد أخلص فيما أتى به من صنعة فلسفية، أو قانونية. وهذا الشعور لدي التابع أو المطيع يؤدي إلى عدم التحمس في التزام التبعية ووجوب الطاعة، أو يؤدى إلى توقيت التبعية، وتوقيت الطاعة. ومن شأن هذا التوقيت التراخي في السير نحو هدف المذهب الفلسفي، ونحو غاية القانون. وبما أن هدف الفلسفة، وغاية القانون، هي الحرص على فعل الخير، ففعل الخير سيصير حتما إلى التوقف، كلما كثر التراخي في التبعية والطاعة، إما للمذهب الفلسفي، أو للقانون: