/ صفحه 300/
هذه أمثله لاختلاف الفكر الفلسفي، واختلاف المذاهب الفلسفية. ويرجع هذا الاخلاف إلى كون المفكر محددا، بحياته الخاصة والعامة.
وفي القانون لايختلف الأمر عنه في الفلسفة. لأن التقنين يقوم على أسس وفكر فلسفية. يقوم على نظرة المشرع (و المشرع هو الدولة في العصر الحديث) إلى الحياة. ونظرة الدولة إلى الحياة تختلف باختلاف نظام الدولة نفسها:
هذه دولة شيوعية لها قانون يحفظ الوضع الشيوعي بين أفراد الأمة. وهذه دولة رأسمالية لها قانون يصون الحرية الفردية إلى أبعد حد في استخدام رأس المال. وهذه دولة اشتراكية اجتماعية لها قانون ودستور يحدد علاقة الأفراد بالدولة والدولة بالأفراد، على أساس من الفكرة الاشتراكية الاجتماعية، وهي رعاية العدالة الاجتماعية بين الطبقات. وهذه دولة ملكية، يقوم قانونها على صيانة العرش وتقديسه. وهذه دولة جمهورية يقوم قانونها على تأكيد حقوق الأفراد في الوصول إلى رئاسة الجمهورية.
هذه الجماعة يهودية. يقوم قانونها على رعاية التقاليد والعادات والمعتقدات اليهودية في الأحوال الشخصية وتحديد العطلات السنوية، وأنواع المأكول والمشروب، والطريقة التي يتناول بها الأكل والشرب، إلى غير ذلك في الحياة العملية.
وهذه الجماعة مسيحية، أو بوذية، أو وثنية، أو إسلامية، لابد أن يتضمن قانون كل منها تقاليدها الخاصة وعاداتها، ومعتقداتها، التي لها وحدها.
وإذن سبب هذا الاختلاف في الدساتير والقوانين، هو كون الإنسان ((محددا)) كذلك. ومن هنا نشأ في القانون ما يسمى بالقانون الخاص، وما يسمى القانون الدولي العام. والقانون الدولي مع ذالك يغلب عليه طابع التحيز للدولة القوية، وعاداتها، وغاياتها، وأهدافها في الحياة.
وكذالك المؤسسات الدولية، كعصبة الأمم سابقا، والأمم المتحدة في حاضرنا. فإن قوانينها، وإن اتسمت بالطابع الدولي العام، فإنها تقوم وتهدف إلى تحقيق غايات الدول الكبرى، وهي الدول القوية. فعصبة الأمم كانت وسيلة مشروعة