/ صفحه 295/
الدين في حياة الإنسان
للدكتور محمد البهي
1 تطور الإنسان من حياة الغابة، والغاب، إلى حياة القانون أو حياة المدنية؛ تطور من حياة القوة المادية، وتحكيمها في فض الخصومات واستقرار الأوضاع، إلى الالتجاء إلى القانون في الفصل في النزاع وتحديد العلاقات.
فالنقطة الأولى التي منها بداية الحياة الإنسانية كانت الغلبة عن طريق العصبية في الأسرة والقبيلة والكثرة العددية في الجماعة. والنقطة التي تسود حياة اليوم هي موازين العدل الإنساني التي تمثلها فكرة القانون البشري. وبين هاتين النقطتين في تطور الحياة الإنسانية كان الدين، وكانت الفلسفة، كل منهما مثل الدور الأول في فترة معينة في تاريخ الإنسانية، ولم يزل يمثل دورا ما للآن.
انتهت مرحلة الغاب بسيطرة الدين، ثم نازعت الفلسفة سيادة الدين، ثم قيض للقانون أن يشترك في الصراع بين الدين والفلسفة في توجيه الإنسان، وأصبحت في حياة الإنسان، المعاصر ثلاثة اتجاهات، تتنازع أولا البقاء بينها، ثم يحاول بالتالي كل واحد منها أن يسود، في تقرير مصير الإنسان.
أصبح الدين، والفلسفة، والقانون، ثلاثهم جميعا هي المصادر التي يحارب بعضها بعضا من أجل البقاء والسيادة. والفرق بينها يتركز: في أن الدين ينسب إلى الله المعبود، بينما الفلسفة والقانون كلاهما يعد من صنعة الإنسان.