/ صفحه 292/
وأرشدونا إلى الصواب من دين الإسلام فهدانا الله والحمدلله فأسلمناجميعا وشرح الله صدورنا للإيمان ونحن نقدم إلى هذه البلاد ونتفقه، فإذا رجعنا إلى بلادنا أكرمنا أهلها وولونا أمور دينهم، فسألته، لم تحلقون لحاكم كما تفعل الإفرنج، فقال يحلقها منا المتجددون ويلبسون لبسة السلاح مثل الإفرنج أما غيرهم فلا، قلت فكم مسافة ما بيننا وبين بلادكم؟ فقال من ههنا إلى القسطنطينية نحو شهر ونصف، ومن القسطنطينية إلى بلادنا نحو ذلك)).
فالمسلمون الباشغارد كما يتبين من هذا التقرير لم يكونوا أجانب في بلاد هنعاريا على أنه لايمكن القطع بتاريخ اعتناقهم للإسلام ولا أين حصل: في هنعاريا أم في وطن الباشغارد الأصلي، كما أن التقرير المذكور لا يدلنا على جنسية القائمين السبعة بالدعوة إلى الإسلام، والرأي الراجح أنهم من بلغار البلقان لا من بلغار ضفاف نهر فولغا، ويبدو أنهم لم يطيلوا الإقامة بين المسلمين البشغارد.
ومما يؤيد ما ورد في هذا التقرير للحموي بشأن خدمة المسلمين في الجيش الهنغاري أن التاريخ يذكر أن الملك الهنغاري أنجد الملك الإلماني بما بين 500 و600 فارس مسلم حين كان يحاصر مدينة ميلانو سنة 1158، وأنهم حاربوا تحت لواء الملك الهنغاري ((بلا الرابع)) ضد الملك التشيكي بر ميسل أوتوكار الثاني في موارفيا سنة 1260، كما أنهم اشتركوا في محاولة ضد التتار عن هنغاريا فاستشهد عدد كبير منهم سنة 1241.
وبتحدث أبو حامد الغرناطي في كتابه((تحفة الألباب)) عن المسلمين في باشغارديا التي يقول عنها إنها لاتبعد من (رومة) إلا مسافة بضعة أيام سيرا وسطا، وعن زيارته لهم سنة 545 هـ (1150 م) فيذكر أن بلاد الباشغاردة يسكن فيها شعوب كييرة، وإنها تشمل على 78 مدينة ذات أسباب الرخاء والبذخ وكل واحدة منها على غرار مدينة إصفهان أو بغداد، وأنه كان ينوى السفر إلى روما ولكن المسلمين صرفوه عن قصده بأن أبلغوه أن أخا ملكهم ذهب إلى روما وتزوج من بنت ملكها، وقالوا له إذا توجهت من عندنا إلى روما فإننا نخاف من أن يلقى أحد في روع الملك أنك ذهبت إلى أخيه بمال كثير لتحمله على الحرب ضد ملكنا،