/ صفحه 277/
وقتله شر قتلة، وصلبه على خشبة بابك سنة 226 هـ وأحرقه، ووجدوه عند التنكيل به لا يزال بقلفته لم يختن، كما عثروا في بيته على أصنام يعبدها، وكتب تناهض الدين الإسلامي، ومكاتبات بينه وبين صنائعه في النهوض إلى تقويض بناء الدولة. كما صلب المعتصم مازيار بعد قتله، وقال الشعراء في هؤلاء المصلوبين وافتنوا، فكان ممن أجاد فيهم أبو تمام في قصيدته المشهورة التي وسمت أنها أجود مايقال في المصلوبين، أثنى فيها على الخليفة، ونبش مخازى المصلوبين.
فمنها في الأفشين ما كشفت عن ابتهاج الشعب يوم التنكيل به، وسرورهم بمنظره المريع يوم صلبه، جزاء لما انطوى عليه:
ما كان لو لا فحش غدرة خيذر ليكون في الإسلام عام فجار
ما زال سر الكفر بين ضلوعه حتى اصطلى سر الزناد الواري
نارا يساور جسمه من حرها لهب كما عصفرت شق إزار
يامشهدا صدرت بفرحته إلى أمصارها القصوى بنو الأمصار
رمقوا أعالي جذعه فكأنما رمقوا الهلال عشية اللإفطار
ومنها في بابك ومازيار:
ولقد شفى الأحشاء من برحائها أن صار بابك جار مازيار
ثانيه في كبد السماء ولم يكن لاثنين ثان إذ هما في الغار
ومنها في الثلاثة:
لا يبرحون ومن رآهم خالهم أبدا على سفر من الأسفار
كادوا النبوة والهدى فتقطعت أعناقهم في ذلك المضمار(1)
*(هوامش)*
(1) اصطلى: لقى، الزناد: ما يقدحه به، الواري: المشتعل، يساور: يوانب، عصفرت: صبغت بالعصفر، صدرت: رجعت، رمقوا: نظروا، الجذع: ساق النخلة، المضمار: ميدان التضمير.
والأبيات من عشرين ذكرها الشريف المرتضى في أماليه "المجلس الرابع والسبعين" كما ذكر قصائد أخرى لأبي تمام وغيره في الصلوبين، ومايل بيتها مرجحا كفة أبى تمام في القصيدة التي مها هذه الأبيات، وقد طال نفس حبيب فيها، إذ بلغت كما في الديوان اثنين وستين بيتا.