/ صفحه 278/
نقد العلماء البيت السابع:
عاب البيانيون هذا البيت في المعنى والتركيب، أما المعنى فمن ذكر أبى بكر مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في هذا الموقف الشنيع، والذوق السليم ينفر منه، ولو أنه عرض على سبيل نفي المشابهة، إذ لم تكن ثمة مشابهة حتى تنفى، وأما التركيب فلأن المتبع في العدد المضاف قولهم: ثاني اثنين. إلخ، لا اثنين ثان. إلخ: مع تأدية هذه المخالفة إلى توهم فاعلية (ثان) ليكون تامة، وإن سهل دفعه بأنه خبر لها ناقصة على لغة من ينصب المنقوص بالمقدر كالمرفوع والمجرور، وذلك شائع في الشعر العربي، والبيت في دلائل الإعجاز مع أبيات أخرى منقودة في (مزية النظم) إلخ.
الأفشين الثاني ومصيره:
هو محمد بن أبى الساج ديوداد، نشأ في رعاية أبيه والى الأهواز في عهد الخليفه المعتمد على الله - طموحا للغزو والاستيلاء لضعف الدولة وتناقض أطرافها شيئا فشيئا آنذاك، وما أن ولي مصر خمارويه سنة 270 هـ، حتى بدا للأفشين الطمع فيه، وجهز جيشاً تحرك من أرمينية والجبال في أواخر سنة 275 هـ، إلى مصر، واعترضه جيش مصر بقيادة خمارويه في الشام، فدارت الدائرة عليه واتبعه خمارويه حتى الفرات فعاد الأفشين خائبا، وفي سنة 280 هـ غلب الأفشين على بعض بلاد أذربيجان حتى ولاه المعتضد بالله إرمينية وأذربيجان بعد تغلبه عليهما، فلبث واليا عليهما إلى أن وقع الطاعون في أذربيجان سنة 288هـ، فمات بها مع خلق كثير.
الخلاصة المستفادة من هذا التفصيل:
بعد هذا البيان يتضح لك أن الأفشين الأول يرجع عهده إلى الربع الأول من القرن الثالث، وأنه قتل صلبا سنة 226 هـ، وأن الثاني يرجع عهده إلى الربع الثالث من القرن المذكور، وأنه مات بالطاعون الأذربي سنة 228هـ.
فلا صلة بينهما مع هذا التباعد الزمني إلا مجرد التلقيب بالأفشين، الذي يوحى في الظن أنهما من نسل الأفاشين ملوك أشروسنة السابقين فحسب، وبعدئذ أضع بين يديك ما ورد، فسبب الخلط بينهما من هذا الكتاب: