/ صفحه 270/
السورتين والثلاث والأربع، والبعض والشطر من القرآن، إلا نقرأ منهم وفقهم الله لجمعه، وسهل عليهم حفظه.
وكانت وفود العرب ترد على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) للإسلام فيقرئهم المسلمون شيئا من القرآن، فيكون ذلك كافيا لهم. وكان يبعث إلى القبائل المتفرقة بالسور المختلفة، فلو لم تكن الأنباء والقصص مثناة ومكررة لوقعت قصة موسى إلى قوم، وقصة عيسى إلى قوم، وقصة نوح إلى قوم، فأراد بلطفه ورحمته أن يشهر هذه القصص في أطراف الأرض، ويلقيها في كل سمع، ويثبتها في كل قلب.
ومن أسرار التكرير أيضا أن في إبراز الكلام الواحد في صور كثيرة وأساليب مختلفة، ما لا يخفى من الفصاحة.
منها أنه تعالى أنزل هذا القرآن، وعجز القوم عن الإتيان بمثله، ثم أوضح الأمر في عجزهم بأن كرر ذكر القصة في مواضع، إعلاما بأنهم عاجزون عن الإتيان بمثله، بأي نظم جاءوا، وبأي عبارة عبروا.
ومنها أن القصة الواحدة لما كررت، كان في ألفاظها في كل موضع زيادة ونقصان وتقديم وتأخير، وأتت على أسلوب غير أسلوب الأخرى، فأفاد ذلك ظهور الأمر العجيب، في إخراج المعنى الواحد، في صور متباينة في النظم وجذب النفوس إلى سماعها، لما جبلت عليه من حب التنقل في الأشياء المتجددة، واستلذاذها بها، وإظهار خاصة القرآن حيث لم تحصل مع تكرير ذلك فيه هجنة في اللفظ، ولا ملل عند سماعه، فباين ذلك كلام المخلوقين: ((ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا))
يقول السيد محمد على الهندي في كتابه ((الدين الإسلامي)):
ويعترف كتاب الغرب بما فيهم المتعصبون منهم بمكانة القرآن الرفيعة في عالم الأدب والدين، وهاك مقتطفات مما كتبوه عنه.
ويقول ((سيل)) في مقدمة ترجمته للقرآن:
إن أسلوب القرآن جميل وفياض، وفي كثير من نواحيه نجد الأسلوب عذبا