/ صفحه 269/
((إنما يقصد القرآن من عرض هذه القصص التوسل إلى التهذيب والتأديب لا مجرد سرد قصة، بل المقصود العظة الخلقية وتعليم الناس إن الله في الأزمان السالفة كان دائما أبدا يكافىء الأخيار ويعاقب الأشرار وهذه سنته: أما قصة يوسف فقد جاءت في قالب واقعي جذاب والاختلافات اليسيرة في هذه وأمثالها من القصص الأخرى كقصة استجابة إبراهيم لدعوة الله الواحد الحق(52 سورة الأنبياء) عن المعروف في التوراة لها نظائرها التي تقابلها في المشنا والتلمود وسواهما من كتب اليهود القانونية)).
ويقول الأستاذ الإمام الشيخ محمد عبده:
إن القرآن حملات روحية خطابية، لا يقصد بها تسلسل الخبر، ولكن تستخدم فيها القصة للتذكير أو التهويل، ولذلك ترد مرارا، وكثيرا ما تروى على سبيل الإشارة والتلميح.
والأسلوب الخطابي يقتضى التكرير. فالقرآن ليس سفر تاريخ، ولم تذكر أخبار الأولين فيه، ليتلقاها المخاطبون، كما يتلقون مسائل التاريخ. (و لقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر).
فلا يضير القرآن أن لاتكون قصصه مسرودة فيه، ومرتبة على نحو ترتيبها في كتب التاريخ، وإنما هو يذكرها كلما سنحت لها مناسبة، ويذكرها مقدمة أجزاؤها ومؤخرة، موجزة أو مسببة، كل ذلك للاعتبار بالنعم والنقم وللاستعانة بهذه القصص على الترغيب والترهيب، والإيقاظ والتنبيه، فتتأثر النفوس وتتيقظ القلوب.
أما سر تكرير قصص الأنبياء، فقد ذكر ابن قتيبة في كتابه ((مشكل القرآن)): ((أما تكرار الأنبياء والقصص، فإن الله عز وجل أنزل القرآن نجوما في ثلاث وعشرين سنة، بغرض بعد غرض تيسيرا على العباد، وتدريجا لهم إلى كمال دينه، ووعظ بعد وعظ تنبيها لهم من سنة الغفلة، وشحذا لقلوبهم بمتجدد الموعظة.
وكان أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إنما يقرأ الرجل منهم