/ صفحه 234/
أول أهدافه، فاتخذ من الوسائل والأحكام ما يخفف ويلات هذه الفاحشة على الإنسان، اتخذ ما لم يتخذه لغيرها من الفواحش، فحرم على الرجال خلوتهم بالأجنبيات، وعلى المرأة انفرادها في السفر عن محرم يحميها ويغار عليها ويصون عرضها، وحرم عليها التبرج بزينتها في الذهاب والإياب، وحرم تقلبها في الطرقات والمجتمعات بما يغرى بها مرضى القلوب، كما أمر الفريقين، الرجل والمرأة بغض البصر، والاستئذان في دخول البيوت، وغير ذلك من سائر الوسائل التي من شأنها أن تباعد بين الناس وبين انتشار هذه الفحشاء، وأخيرا جاء في محكم التنزيل الدواء الحاسم لعلة انتشارها، جاءت لها عقوبتان: عقوبة مادية اتخذت لها العلانية محلا لتنفيذها: ((الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله، إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر، وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين)) وعقوبة أخري أدبية وهي تحريم أن يكون المؤمنون من الزاني والزانية أسرة من أسرهم يكون أبناؤها وبناتها من لبنات المجتمع الإيماني الفاضل: ((الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة، والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك، وحرم ذلك على المؤمنين)) ثم لم يقف بالعقوبتين عند حد الفاحشة الفعلية، بل أثبتهما أيضا جزاء في الاعتداء على العرض بطريق القذف والاتهام، واقرأ في ذلك أوائل سورة النور.
الوصية الخامسة:
((ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق)) وهذه هي الوصية الخامسة، وهي النهي عن قتل النفس التي حرمها الله، وهي النفس البشرية التي استخلفها الله في الأرض وناط بها عمارتها وأظهار أسراره فيها، وقد تكرر في القرآن النهي عن قتلها. جاء هنا في تلك الوصايا وجاء في وصايا الإسراء: ((ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق، ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف في القتل إنه كان منصورا)) وقد اتفقت جميع الملل والنحل منذ بدء الخليفة على أن قتل النفس عمدا بغير حق يبرره، جريمة منكرة لا يقرها شرع ولا يتقبلها وضع ولا يستسيغها اجتماع، وقد عنيت الشريعة الإسلامية بهذه الجريمة أيما عناية، وأولتها كثيرا من