/ صفحه 22/
من أجل ذلك كله كثر التساول عن الفكرة وانحصر نشاطنا أول الأمر في توضيحها.
قالوا ما دعوة التقريب هذه؟ وكيف يمكن التقريب بين المذاهب؟ أتريدون من كل طائفة أن تنزل عن بعض ما تراه لتقرب من الأخرى؟
فقلنا: ما إلى هذا قصدنا، وإنما دعوتنا أن يتحد أهل الإسلام على أصول الإسلام التي لا يكون المسلم مسلماً إلا بها، وأن ينظروا فيما وراء ذلك نظرة من لا يبتغي الفلج والغلب ولكن من يبتغي الحق والمعرفة الصحيحة، فإذا استطاعوا أن يصلوا بالإنصاف والحجة البينة إلى الاتفاق في شيء مما اختلفوا فيه فذاك، وإلا فليحتفظ كل بما يراه وليعذر الاخرين ويحسن الظن بهم، فإن الخلاف على غير أصول الدين لا يضر بالإيمان ولا يخرج المخلصين عن دائرة الإسلام.
قالوا: كيف السبيل إلى التقريب وهناك الإمامة والخلافة؟
قلنا: لكل وجهة هو موليها. وما دام ذلك لم يفض بأحد الفريقين إلى أن ينكر إسلام صاحبه، فلن يضى المسلمين أن يحتفظ كل برأيه وإذا كان هناك ما نقوله فهو حول كيفية عرض وجهات النظر بأن يكون في صورة غير مثيرة وذلك لصالح الأخوة الإسلامية، وبدوره يساعد على الإقناع إذا كان القصد ذلك.
قال قائل: لعل جماعة التقريب تريد أن تقرب بين المذاهب الفقهية؟
فقلنا: إننا لم نجعل من أهدافنا إدماج المذاهب الفقهية بعضها في بعض، فإن الخلاف أمر طبيعي، وهو في الفقه مبني على أصول ومدارك كلها في الدائرة التي أباح الله الاجتهاد فيها. فلا ضرر فيه، بل فيه خير وسعة وتيسير ورحمة.
قال قائل: لقد سمعنا أن من غايات التقريب أن يد°رس مذهب الشيعة في الأزهر.
فقلنا: إن من غايات التقريب أن يعرف المسلمون بعضهم بعضا، وإن أول من يجب عليهم التعارف هم العلماء وأهل الفكر من كل طائفة، والعلم لا يصادر ولا يكتم، ولا بأس على الشيعة أن يعلموا علم السنة وهم يدرسونه فعلا، ولا بأس على الأزهر يين أن يعلموا علم الشيعة، بل ذلك واجبهم الذي يدعوا إليه الإخلاص العلمي.