/ صفحه 23/
وأمثال هذه الأسئلة كثير، تولت الإجابة عليها مجلة ((رسالة الاسلام)) التي تدخل اليوم عامها التاسع والتي اضطلعت بتوضيح الفكرة لا لكل سائل وحده بل للمسلمين جميعاً، وعلى صفحات هذه المجلة نقول اليوم ما قلناه منذ عشر سنين عن فكرة التقريب رغم أن الفكرة ذاع صيتها وكثر أنصارها وأصبح كل مصلح وكل مفكر يقف بجانبها. نعم نقول اليوم عن هذه الفكرة ما قلناه عنها منذ عشر سنين، نقول نفس المباديء، ونفس الأسس، ونفس الطرق للعلاج، لأن الدعوات السليمة لا تنحرف ولا تميل ولا تخفي وراءها شيئا.
قلنا في أولى خطواتنا: لسنا نبغي من التقريب سوى جمع كلمة أرباب المذاهب الإسلامية الذين باعدت بينهم آراء لا تمس العقائد التي يجب الإيمان بها، ولما لمسنا أن الطائفتين الكبيرتين في الإسلام هما السنة بمذاهبها الأربعة المعروفة، والشيعة الإمامية والزيدية تكونت جماعة التقريب من هؤلاء وأولئك.
قلنا: إن المسلمين بحاجة إلى أن يعرف بعضهم بعضاً، وإن الأغراض قد أدخلت على كل فريق بالنسبة للاخر تهما ومطاعن، وليس من المعقول أن تتعرف على طائفة بما كتبه عنها أولو الغرض أو أشاعه عنها ذوو الحقد، قلنا هذا ولا نزال نقوله كأصل من أصول التقريب.
قلنا ولا نزال نقول: إننا لا نريد أن ندمج المذاهب الفقهية لأن المذاهب ثقافة إسلامية يجب أن نحافظ عليها، وإنما نريد أن يقول أرباب كل مذهب ما كان يقوله أئمتهم: ((هذا ما رأيته، فمن جاء بخير منه فالحق أحق أن يتبع)).
قلنا وما زلنا نقول: لسنا بصدد تغليب مذهب على آخر، وإذا كان إظهار مذهب على حقيقته بياناً لبطلان ما قيل عنه، فليس هذا دعاية لهذا المذهب بذاته، وإنما هو إظهار لحق يجب أن يعرف ويجلى وإذا كان يروق لأحد أن يخلط بين عقائد الفرق البائدة - كالمخطئة والخطابية والغرابية وغيرهم من الغلاة - وما لهم من أوهام لا يقبلها أي عقل، ولا وجود لها الآن إلا في خيالات بعض المستشرقين - لأغراض لا تخفى - أو في بعض كتب الملل والنحل المعروفة بالتحيز - إذا كان يروق لأحد هذا الخلط العلمي