/ صفحه 205/
إلى فلسطين على رأس حملة صليبية، فانضم إليه بعض أمراء الكروات مع رعاياهم، ووضعت مدينة سبليت سفينتين للنقل تحت تصرف الملك ولم يبق هؤلاء الصليبيون في فلسطين غير بضعة أشهر، ثم رجعوا إلى وطهنم عن طريق البر سنة 1218 م.
ولم تبق هذه الاتصالات بين العرب والسلافيين الجنوبيين في آسيا الصغرى، وفي ساحل البحر الادرياتيكي غير ذات أثر في علاقات مخلتفة بين الأمتين، فإن ماقد أشرنا إليه من تعاونهما العسكري في الحدود الشامية، ومن معاداتهما في سواحل البحر الادرياتيكي قد انعكس على علاقاتهما الاجتماعية والثقافية والتجارية على غرار ما نشأ بين العرب وغيرهم من الأمم التي كانوا على اتصال بها بوجه من الوجوه، مما لا يتسع المقام لتفاصيله. والمرجع المفيد الوافي في هذا الموضوع كتاب: ((فجر الإسلام)) وكتاب: ((ضحى الإسلام)) للأستاذ المرحوم أحمد أمين.
ومن الجدير بالملاحظة أن الأخبار في المصادر القديمة عن حياة الصقالبة في الدولة العباسية ليست كثيرة ولا مستفيضة، بخلاف الأخبار عن الصقالبة في الأندلس ولعل سبب ذلك يرجع إلى أن مدلول كلمة: ((الأروام)) عند بعض الكتاب يشمل الصقالبة، كما أن مدلول كلمة: ((الصقالبة)) يشمل عند بعضهم أناسا من فرنسا وألمانيا وإيطاليا وغيرها، وقد كان يطلق اسم الصقالبة على جميع الجنود الأجانب في الجيش الإسلامي بأسبانيا في القرن العاشر.
ولأجل تضارب المصادر وغموض بعضها وعدم دقتها في الوصف والتعبير يختلف العلماء المتأخرون في استنتاج بعض الحقائق منها، ولا سيما إذا ركبهم تعصب للجنس، أو دفعتهم رغبة في الدعاية لفكرة معينة، ومهما يكن من أمر فلنذكر طرفا من الأخبار عن السلافيين في الأقطار الإسلامية مع شيء من التعليق على بعضها:
يذكر ابن جرير الطبرى أن أربعة من غلمان الخليفة المأمون قتلوا الفضل ابن سهل لما غضب عليه الخليفة، وكان اسم أحد الغلمان الأربعة ((موفق الصقلبي)) وورد في كتاب: ((يتيمة الدهر)): ((ويستخدم التركي عند غيبة الصقلبي)) مما يدل على أن الناس كانوا يفضلون الصقالبة على الأتراك، ويصف الجاحظ في كتاب: ((الحيوان)) أصناف الرقيق عند النخاسين فيشبه الصقالبة بالحمام