/ صفحه 206/
الأبيض، ويقول المسعودي إن أم الخليفة المستعين العباسي كانت صقلبية اسمها مخمارق(المستعين 220/ 252).
ويذكر بعض المؤلفين أن شخصا سلافيا اسمه ((توما)) قاد الثورة سنة 821 م في أنطاكيا التي كانت تابعة للدولة الإسلامية في ذلك الوقت، فأيده العرب، فنودي به ملكا، ولكنه لميلبث أن قتل سنة 823 م.
ولقد عرض أحد المؤلفين المعاصرين ترجمة حياة أبى ذر الغفاري رضى الله عنه عرضا رائعا، فوصف ما قاساه هذا الصحابي الجليل في سفره من دمشق إلى المدينة حين ضاق به معاوية صدرا، فأعاده إلي الخليفة عثمان رضى الله عنه، وعهد إلى نفر من الصقالبة ليرافقوه، ومع جهلنا بقيمة المصدر الذي تستند إليه هذه الرواية بشأن جنس هؤلاء المرافقين لهذا الذي عاش وحيدا ومات وحيدا، فإن تاريخ انضمام الأفواج الأولى من الجنود السلافيين إلى العرب يجيز احتمال وجود بعضهم في خدمة معاوية بدمشق.
ولا شك أن السلافيين في أسبانيا وصقلية وأفريقيا الشمالية كانوا كثيرين، وكان الحرس الخاص للأمير حكم (796/822) مؤلفا منهم، وفي عهد الأمير عبدالرحمن الثالث (921/961) كانوا يشغلون المناصب العليا في الجيش والإدارة، وكان حرس الخلفاء في قرطبة مؤلفا من سلافيين بلغ عددهم في منتصف القرن العاشر 13750 رجلا، ولم يكن جميع هؤلاء السلافيين، رقيقا جلبهم النخاسون إلى أسبانيا، فإن منهم من قدموا إليها كتجار أو جنود أو مغامرين، واشتهر بعضهم بنظم الشعر، وقام أحدهم واسمه((حبيب)) بتأليف كتاب عن السلافيين، وشعرهم وتاريخهم وغير ذلك من مفاخرهم، وتذكر بعض المصادر أن سلافيا في أسبانيا اسمه ((خيران)) من دلماسيا كان قائدا ماهرا واسع الثقافة، وأن قائد جيش الخليفة المعز لدين الله ومنشيء مدينة القاهرة كان سلافي الأصل من دالماسيا أيضا. وكانت جماعة كبيرة في خدمة الملوك الفاطميين في مصر، كما يذكر المقريزي في الخطط في عدة مواضع. ولقد كانتأجمل حارة في مدينة بالبرموا بصقليه تسمى ((حارة الصقالبة)) مما يدل على كثرتهم ونشاطهم هنالك، وأن مستوى حياتهم كان عاليا.