/ صفحه 185/
إن الخلافة لم تقدر ليملكها عبد لأزدية في بظرها عقف(1)
تتبع آل المهلب بعد يزيد:
فرت فلول المهالبة من وجه مسلمة خشية فنائها، ويمم أكثرهم إلى قندابيل (مدينة بالسند)، فسرح مسلمة في أثرهم هلال بن أحوز المازني التميمي، فمزق من ثقفه منهم أشلاء، ونجا منه من أوغل المسير إلى نواح مجهولة بعيدة عنه، وشالت نعامة المهالبة من العراق، وصاروا أثرا بعد عين، فخفت صوت اليمانية من الدولة المروانية، وآن للعدنانية بخندفيها وقيسيها أن ترفع عقيرتها، ثم تحذر الدولة أن تعود إلى تمكين اليمانية مرة أخرى، والشعراء لسان الدولة المبين، وأداتها القادرة الفعالة، ولا سيما أنهم مندفعون بغرائزهم إلى مجاراة القوة والشوكة، ليبلغوا مآربهم، وما عليهم بعدئذ من رقيب: ضمير أو ملام، فابتعثوا العصبية العدنانية والمضرية من مرقدها.
بعث الخندفية والقيسية:
هتف الشعراء بعد هذه النكبة المجتاحة للمهالبة بالعصبية (الخندفية أو القيسية) المنكرة في الدين، وأكثرهم دعاء بها الفرزدق وجرير واسماعيل بن عمار الأسدي، فقد ترددت تلك النغمة كثيرا في أشعارهم واستمرت حتى آخر الدولة المروانية، واشتد التجاؤهم إليها عند ما ولى العراقين خالد بن عبدالله القسري اليماني، واشتط في حكمه وظهرت عليه آثار العصبية اليمانية، وكان حزنه على المهالبة يستفزه أحيانا إلى الثأر ممن له يد في التنكيل بهم، ولهذا حديث خاص ينبغي إفراده في مقال مستقل، وإنما نكمل الموضوع الذي نتحدث فيه بذكر قليل مما قليل بعد هذا الحدث وفيه تلك العصبية البغيضة، التي أسعر نارها الفرزدق وجرير للداعيين: الداعي العام للتحزب للعدنانيين المناهضين لليمانيين، والداعي الخاص للمباهاة والمفاخرة بهذا
*(هوامش)*
(1) طرف: شرف، العقر: عقر بابل، أقحاف: جمع قحف ما انفلق من الجمجمة، والخطبان: الحنظل الأصفر، ينتقف: يكسر ليستخرج حبه على تشبيه هاماتهم به، بظرها: هنة بين الإسكتين لم تقطع، عقف: اعوجاج.