/ صفحه 170/
فتوجيه طفلها إلى الله، وتكوين جلاله ومهابته في نفسه أمر غير شاق، وفي الوقت نفسه هو الدعامة الأولى للتعبئة الروحية، وليس المطلوب أن تسلك معه مسلك الملقن، وإنما مسلك ذلك الذي يخلق جوا غير مباشر لهذا التوجيه الروحي، فإذا دوامت على قراءة البسملة عند بداية الأكل في كل وجبة، أو صحبته في زيارتها لبعض المساجد، أو قرنت ما تتمناه لوالده من نجاح في الحياة بالاستعانه بالله - فإن ذلك وأمثاله سيدفع الناشيء الصغير يوما ما إلى السؤال عن ((الله)) وعن الاسترسال في التساؤل سؤالا بعد سؤال، كما يقضى تطوره العقلي والنفسي، في فترة من فترات هذا التطور.
والأم، وهي موضع ثقة الطفل والملازمة له في حياته الأولى، أقرب إلى توصيل الروحية الدينية في نفسه، من والده، أو من أي إنسان آخر في حياة أسرته.
دور التنسيق في توجيه الانسان المراهق:
أما دور التنسيق في توجيه الإنسان المراهق، فأقصد به أن يكون هناك قدر مشترك من الصحافة، والإذاعة، ودور النشر، والمدرسة، فيما يقدم إلى الإنسان المراهق باسم التعليم والتوجيه في صوره المختلفة، هذا القدر المشترك هو الاحتفاظ بقداسة القيم الدينية العليا: الله، واليوم الآخر، والملائكة، والكتاب، والنبيون، وعدم التشكيك فيها، فضلا عن السخرية بها.
إن هناك فرقايين الدبن، والرجال المتصلين به، ولا حرج مطلقا أن ينقد علماء الدين نقدا علميا، لكن في الوقت نفسه يجب أن يتوفر التقدير للدين، وإلا تعرضت قيمة الدين للاهتزاز في نفس المراهق، تأثرا بالنقد الموجه إلى علمائه، إن المراهق قابل بدون تحفظ أن يكون مع الله، وقابل بدون تحفظ كذلك أن يكون مع الشيطان، فدور المراهقة أخطر أدوار تطور الإنسان. فإما أن يكون المراهق مع المثل العليا، أو مع البهيمية الجامعة.
إن المراهق تتملكه في دور المراهقة، ((نزعة)) إلى الإنسان الرشيد، تتملكه