/ صفحه 167/
انتهي كثير منها، على أن القدر الباقي من هذه الأفهام، الذي لم يزل له اعتباره في حياة اليوم، ليس بكاف لإن يغطي كل جوانب الحياة التي نعيش فيها.
لا يعرف الناشيء اليوم أن الصلاة بما فيها من توجه إلى الله وحده، قد تخفف أحزان النفس وهمومها، كما كان يرجو الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)، فقد كان إذا حزبه الأمر قام وصلى لله.
لا يعرف الناشيء اليوم أن تمثل الله في نفسه، كخالق مدبر، يبعث فيها الاطمئنان بما يقع في حياته، فلا يسلم إلى اليأس، ومن ثم يتجدد فيه الأمل، ثم إذا عرف أنه جل شأنه لايضيع أجر من أحسن عملا، قوى أمله المتجدد، وزاد في كفاحه وسعيه.
تواجه الناشيء اليوم مشاكل، فلا يعرف فيها رأي الإسلام على الحقيقة، فإما أن يحجم عن مواجهتها، أو يقابلها بتوجيه آخر، وبدفع إنساني، وبذلك يتأخر الإسلام عن أن يكون بصحبته، وهكذا على مر الأيام، لا يجد في حياته مكانا للإسلام ومشورته.
والمشاكل التي تتعلق بالعمل المصرفي والتأمين، والتي تتعلق بالزواج والنسل، وأمثالها مما له تأثير كبير على حياة الأسرة الخاصة، أو كيان الدولة سلبا وإيجابا، لم تلق للآن حلا موحدا، وما قد يذكر بشأنها، يذكر من زاوية خاصة محدودة.
وهكذا وقف الفهم للإسلام، بينما ازدحمت الحياة بالمشاكل الهامة، فكانت الانفصالية التي أشرنا إليها آنفا.
ورسالة العلماء هنا هي رسالة الدعوة إلى الإسلام، هي رسالة تقديم الإسلام، كمجموعة من الحلول لمشاكل النفس الفردية، ومشاكل الحياة الجماعية على السواء، والإسلام نفسه لا يعجز عن تقديم الحلول الملائمة، وإنما الذي يعجز هو ذلك الذي يكرس وقته لفهم الإسلام وعرضه.
والمسلمون ليسوا في حاجة إلى كثرة من الدارسين للإسلام، ولكنهم في حاجة أشد إلى من يستطيع فهم الإسلام، ويجيد عرض حلوله لمشاكل الحياة.