/ صفحه 166/
((إن شر الدواب عند الله الذين كفروا فهم لا يؤمنون. الذين عاهدت منهم ثم ينقضون عهدهم في كل مرة وهم لا يتقون. فإما تثقفنهم في الحرب فشرد بهم من خلفهم لعلهم يذكرون. وإما تخافن من قوم خيانة فانبذ إليهم على سواء. إن الله لا يحب الخائنين)) ويقول: ((… وإن تعودوا نعد، ولن تغني عنكم فئتكم شيئا ولو كثرت، وأن الله مع المؤمنين)).
ويقول كمبدأ عام لوقاية الجماعة الإسلامية من الاعتداء عليها، مع بقائها حريصة على حب السلام العام:
((وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل، ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم، الله يعلمهم، وما تنفقوا من شيء في سبيل الله يوف إليكم وأنتم لا تظلمون، وإن جنحوا للسلم فاجنح لها، وتوكل على الله، إنه هو السميع العليم)).
فالجماعة الإسلامية قوية في بنائها، مسالمة في علاقاتها، مثالية في هدفها، شديدة على خصمها الذي لا يعرف عهدا، ولا يرعى حرمة.
والمواطن المسلم بنّاء، قد كفل له الاسلام حرية العمل، وحرية الرأي والتقدير. فإذا ضعفت الجماعة الإسلامية، أو استذلت، وإذا صار المواطن المسلم سلبيا في حياته، يملأ فراغه بتافه العمل، أو القول، ويجنح إلى المواربة والسير في الظلام فذلك ليس شأن الإسلام، وإنما هو شأن ((الانفصالية)) التي وقعت في حياة المسلمين بين الإسلام من جانب، وسلوكهم العملي وتوجيههم النظري من جانب آخر. وليس جمهور المسلمين هو المسئول عن هذه ((الانفصالية)) في حياته، إنما المسئول عن ذلك خاصتهم، وأعني بهذه الخاصة علماءهم.
المواطن المسلم لديه ميل قوي إلى الإسلام. ولكنه لا يجد فيما يقدم إليه باسم الإسلام حلا لأزمته النفسية، أو لمشاكله الاجتماعية. لأن ما يقدم باسم الإسلام اليوم ليس هو الفهم للإسلام في حاضر المسلمين، وفي مواجهة مشاكل حياتهم المعاصرة، إنه أفهام المسلمين للإسلام في ضوء أحداث أخرى، وتحت تأثير عوامل،