/ صفحه 156/
مكارم الأخلاق.. سلوا من شئتم من واضعي الشرائع الحديثة فكلهم مجمعون على أن أحكام القانون شيء وأحكام الخلق الحميد شيء آخر.
قال: أو ترغب إلى شيخك في أن يرجع إلى شارع لا تعنيه قواعد الخلق الكريم فيسأله عن تفصيلات شرعه؟ إنه لحسبي أن يجهل من شئت من شارعين قواعد الخلق الكريم كي أجهله بل أجهل عليه.
قلت: لو سمعكم الشارع الفرنسي مثلا لضحك ساخرا منكم باعتبار كونكم شيوخا متخلفين.
قال: وهل كنت تريد أبا كبير الهذلي على أن يفقه فقهك هذا أو فقه الشارع الفرنسي فلا يرى الزاني يزني إلا ومعه وثيقة الزواج التي تصحح فعلته أم هل تراك تحسبه كان يستأذن الرسول الأمين في الاعتداء علي أزواج المتزوجين متعففا عن النساء غير المتزوجات؟ ألا فلعنةالله على الشارع الفرنسي ومن تبعه من الشارعين وتابع التابعين لهم إلى يوم الدين.
قلت: حملة ظالمة على الشارع الفرنسي وسابقيه ولا حقيه من الشارعين الذين يرون الفاحشة جريمة خاصة لا تعني غير الزوج فهو وحده صاحب الحق في تحريك الدعوى العامة - أو قل الخاصة - ضد الزاني وفي وسعه أن يعفو ويصفح فيغمض عينه على القذى وليس بضائر المجتمع أن يغمض عينه على قذاها.
قال: أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، لقد قدر لنا أن نعيش ونرى ونسمع أن الفاحشة لا تعدو أن تكون من الهنات الهينات أو قذى في العين يُسرٌ خطبه، لله درك ودر شارعيك أولئك! أي مجتمع هذا الذي لا تضيره الفاحشة، وأي مجتمع شاعت فيه فثبت لها ولم ينحل إن فرنسا هذه التي تحتج بشرعها وفقهها هي المثل الصارخ لما يجره الفجور على جسم المجتمع كله، بله الفرد من علل قمينة أن تقضى عليه في الزمن القصير، لقد كانت فرنسا إلى عهد ليس بالبعيد الدولة الأوروبية الأولى، وتا لله لقد انبعث فيها أكثر من اسكندر فكر في أن يكون إليه مصير الدنيا كلها. ثم انظر ما ذا ترى الآن واتل القرآن: ((وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميرا)).