/ صفحه 124/
سنتان لحديث يروى عن عائشة، ومنهم من رأى أنه أربع سنين أو خمس أو سبع أو أكثر، وكان اعتماد أصحاب هذه الأقوال على مجرد النقل والإخبار عن بعض النساء، وقد تعرضت كتب المذاهب للأدلة والتوجيه، فعلى من أرادها أن يرجع إليها، والحق أن القرآن لم يكن من قصده في تلك الآيات إلا أن يشير إلى المتاعب التي تلحق الأم من جهة الأبناء، متاعب حمل ومتاعب إرضاع في تلك المدة التي يألفها الناس جميعا، والتي لا تزيد في مجموعها للحمل والإرضاع عن ثلاثين شهرا، فالذي يؤخذ من القرآن أن مدة الحمل والفصال لا تزيد عن ثلاثين شهرا، أما ما عدا ذلك فقد وكل أمره بخبرة الأطباء وعلماء تكون الجنين، على أن المذكور في الآية لم يكن من قبيل التحديد، وإنما كان من قبيل الشائع الكثير، أنظر قوله تعالى: ((لمن أراد أن يتم الرضاعة)) مع قوله تعالى: ((فإن أرادا فصالا عن تراض منهما وتشاور فلا جناح عليهما)).
الوصية الثالثة: ((ولا تقتلوا أولادكم من إملاق)):
أماالوصية الثالثة، وهي المذكورة في الآيات بقوله تعالى: ((ولا تقتلوا أولادكم من إملاق نحن نرزقكم وإياهم)) فهي النهي عن قتل الأولاد، وقد جاءت هذه الوصية مرة أخرى بالمرتبة الثالثة أيضا في وصايا سورة الإسراء التي سيقت فيها الوصايا بعنوان: القضاء والحكم ((وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه … ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق نحن نرزقهم وإياكم، إن قتلهم كان خطئا كبيرا)) وجاء في سورة الأنعام أيضا نعي شديد على من يقتلون أولادهم.
جهتان في الباعث على تلك الجريمة:
وكان ذلك من جهتين، من جهة أنه تصرف فاسد، ليس إلا أثراً لضعف النفس وتأثرها بتزيين الشياطين إياه، ووسوستهم به للناس، وتصويره بأنه عمل صالح يتقى به الإنسان غائلة الفقر التي يجلبها الإنفاق على الأولاد، ويتقى به عار الفاحشة أو السبي في القتال، أو عار التزوج بزوج هو دونهم في الشرف والمكانة، واقرأ في هذا التبكيت قوله تعالى: ((وكذلك زين لكثير من المشركين قتل أولادهم