/ صفحه 121/
أما آيات الوصية بالوالدين التي جاءت بأسلوب التوصية، فهي:
أولا: قوله تعالى في سورة العنكبوت: ((ووصينا الإنسان بوالديه حسنا، وإن جاهداك لتشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما)) وهي كما ترى تبين الحالة الخاصة التي يباح فيها للإنسان عصيان والديه، وعدم امتثال أمرهما، وهي حالة مجاهدتهما لولدهما لأن يشرك بربه ما ليس له به علم، وهذا أقصى ما يمكن في مثل هذه الحالة في أحكام دين جاء لمحو الشرك والوثنية وتقرير أن العبادة لله وحده.
وثانيا: قوله تعالى في سورة لقمان: ((ووصينا الإنسان بوالديه، حملته أمه وهنا على وهن، وفصاله في عامين، أن اشكر لي ولوالديك إلى المصير، وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم، فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا واتبع سبيل من أناب إلى، ثم إلى مرجعكم فأنبئكم بما كنتم تعملون)).
وثالثا: قوله تعالى في سورة الأحقاف: ((ووصينا الإنسان بوالديه إحسانا، حملته أمه كرها ووضعته كرها، وحمله وفصاله ثلاثون شهرا، حتى إذا بلغ أشده وبلغ أربعين سنة قال رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت على وعلى والدي وأن أعمل صالحا ترضاه، وأصلح لي في ذريتي، إني تبت إليك وإني من المسلمين، أولئك الذين نتقبل عنهم أحسن ما عملوا ونتجاوز عن سيئاتهم في أصحاب الجنة، وعد الصدق الذي كانوا يوعدون، والذي قال لوالديه زف لكما أتعدانني أن أخرج وقد خلت القرون من قبلي، وهما يستغيثان الله، ويلك، آمن، إن وعدالله حق،فيقول ما هذا إلا أساطير الأولين، أولئك الذين حق عليهم القول في أمم قد خلت من قبلهم من الجن والإنس، إنهم كانوا خاسرين)).
وقد أرشدت هذه الآيات الواردة في شأن الوصية بالوالدين إلى أمور:
فآيات الإسراء أرشدت إلى أن الإحسان المطلوب يجب أن يكون باعثه الرحمة والإجلال، لا الطمع في مالهما، ولا الاحتيال علي وقوعهما في يده، يتصرف بهما وفي مالهما كما يشاء، وتأمل في ذلك قوله تعالى: ((واخفض لهما جناح الذل من الرحمة)) وترشد إلى أن الإحسان لا يكون واقعا موقعه إذا كان ناشئا عن قهر الوالدين