/ صفحه 95/
يدعون أنهم وجدوا هجرة موسى ومولد المسيح في أقيسة الاهرام الداخلية، الشىء الذي لايجوز بحثه أو تصوره، ولا يجوز بأية حال كتابته، ولكن ما ذا تقول في أن الأهرام تم بناؤه على سطح مستو بلغ الاستواء فيه دقة تبلغ سنتيمترين أو ثلاثة في مساحة تربى على 13 فدانا، وأنه بنى مواجها للقواعد الاصلية الاربعة وأن الخطأ في ذلك لا يتجاوز في الزوايا دقيقتين، باعتبار أن الدرجة الواحدة 60 دقيقة، وأنه يكمل في ابعاده تربيع الدائرة، بمعنى أنك تجد في هذه الابعاد النسبة التقريبية للدائرة المعروفة في نسبة أضلاعه مع الارتفاع، مما يؤكد أن المصريين عرفوا أهم ما في هندسة اقليدس قبل مدنية الاغريق بحوالى ألفى عام، بل ان أغرب من ذلك كله أنه وجد به ثقبان يخترقانه الى الخارج، بحيث ان شعاع نجم الشعرى اليمانية (سيروس) يتجه عمودياً على سطح أحدهما، ويصل خلال هذا الثقب حتى الغرفة الملكية بينما شعاع النجم القطبى يقع على سطحه البحرى ويدخل خلال فتحة أخرى في الاهرام فيصل الى الغرفة السفلى فيه، وهذا ريما دل مبلغ علمهم بأهمية النجم القطبي باعتباره واقعاً على المحور الذي تدور عليه الارض - هذه الهارمونية الرفيعة في الفكر والتقدم العظيم في العلم يقف أما مهما المرء حائراً لما تنطوى عليه هذه الحقائق من عظمة ورفعة وخلود.
وهكذا سارت البشرية في طريق العلم من ذلك الزمان الغابر البعيد ولم يفت العهود المختلفة والمدنيات المتتابعة أن يكون لها آثارها الخالدة دليل العلم والذكاء، واذا اختصرنا هنا الحديث فتركنا جانباً من أهميته ما تركه الاغريق والفرس و الرومان وغيرهم من آثار ناطقة بعلو كعبهم فاننا نجد للفرنجة أهل المادة البعيدين عن أن يكون لهم الى حد ما روح الشرق ومع ذلك فلهم آثارهم الاخيرة تجدها في فرنساً وانجلترا وألمانيا، تركوا في كل قرن من القرون الاخيرة آثاراً جميلة آية في الفن والروعة، وهى ان لم تدل على العظمة والجهد كما يدل الاهرام فهي دليل على الذوق السليم - وهذه كنيسة القديس بطرس في روما، ونتردام في باريس و الاخيرة من القرن الثانى عشر يقومان دليلا على ما بلغه القوم من الكفاية والذوق، بل ان الزائر ليعجب من قصر فرساى من عهد لويس الرابع عشر