/ صفحه 81/
فقد تحلل من تلمس النسبة التي بنيت عليها الدولة الفاطمية في مصر، وأراهم ما ارهبهم، وأرجع نسبه الى سيفه وكأنه يقول:
كن ابن من شئت واكتسب أدبا * * * يغنيك محموده عن النسب
ان الفتى من يقول هأنذا * * * ليس الفتى من يقول كان أبى
ــــــــــ
1- وفيات الاعيان (ترجمة بن طباطبا) عبدالله.

ولا نرمى من وراء ضرب المثالين الماضيين - وغيرهما كثير- أن نغض من شأن العراقة أصلا، كلا ثم كلا ثم كلا، بل نريد أن النفس الطموح للعلا لا تركن أبداً الى تكأه الاصل وتتواكل معتمدة عليه، فاذا ما احتذت حذو سالفهافانها تتبوأ مكانته، وتملا فراغه الكبير. ولقد أجاد (رحمة الله عليه) عبدالله بن معاوية بن عبدالله بن جعفر بن أبى طالب في حديثه عن نفسه وعن نظرائه:
لسنا وان أحسابنا كرمت * * * يوماً على الاباء نتكل
نبنى كما كانت أوائلنا * * * تبنى ونفعل مثل ما فعلوا(1)
فأعمال الفروع الزكية تنم عن أصولهم السنية، ومنها يعرف الناظر حالهم، اذا لم يدر أخبارهم. ولله در صفى الدين الحلى اذ يقول:
اذا غاب أصل المرء فاستقر فعله * * * فان دليل الفرع ينبى عن الاصل
فقد يشهد الفعل الجميل لربه * * * كذلك مضاء الحد من شاهد النصل
أما بعد فما علينا بعد هذا كله الا أن نحتكم الى منطق الصواب، الذي يرجع فيه الى حسن المآب. فحكمه الفصل العادل.
الموازنة بالقسطاس المستقيم.
لقد أرسلنا هذا المقال على وفاق العرف الجارى بين الناس في تقاديرهم، و انتحينا فيه وجهة المألوف عندهم في موازينهم، فان معيارهم بفطرتهم مستمد من نزعتهم الدنيوية المبتناة على ما استقر عندهم من احترام من تحبوه الحياة جاها اما لانه مع الجد كريم الجد في زعمهم، أو لانه اقتدر أن ينهض فيمتاز على أترابه حتى يتخذوه المثل المقتدى به فيصبح سيدهم وقائدهم وان نفسوا عليه في دخائل